كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

ٍوالعدل منها على أربع شعب: غائص يعني: الفهم، وشرائع الحكم، وزهرة العلم، وروضة الحلم، فمن فهم فسّر جميع العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرّط أمره، وعاش في الناس جميلاً.
والجهاد على أربع شعب: على أمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين: فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر رغم أنف المنافق، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شنأ الفاسقين وغضب غضب الله له. قال: فقام إليه السائل فقبّل رأسه.
قيل لعلي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين، ما السخاء؟ قال: ما كان منه ابتداء، فأما ما كان عن مسألة فحياء وتكرم.
كتب علي إلى بعض عماله: أما بعد. فلا تطوّلن حجابك على رعيتك، فإن احتجاب الولاة على الرعية شعبة من الضيق، وقلة علم بالأمور والاحتجاب يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه، فيصغر عندهم الكبير، ويعظم الصغير، ويقبح الحسن، ويحسن القبيح، ويشاب الحقّ بالباطل، وإنما الوالي بشرٌ، لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور، وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصّدق من الكذب، فتحصّن من الإدخال في الحقوق بلين الحجاب، فإنما أنت أحد رجلين: إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق، ففيم احتجابك من حقّ واجبٍ أن تعطيه، أو خلق كريم تسديه، وغما مبتلى بالمنع، فما أسرع كفّ الناس عن

الصفحة 75