كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 25)

إلى أن ترى منه التي ليس بعدها ... بقاء فلا تكثر عليك الأمانيا
ومثل علي تعتريه بخدعة ... وقد كان ما جربت من قبل كافيا
ولو نشبت أظفاره فيك مرة ... حذاك ابن هند بعض ما كنت حاذيا
جاء أبو مسلم الخولاني وأناس معه إلى معاوية فقالوا له: أنت تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال معاوية: لا والله إني لأعلم أن علياً أفضل مني، وإنه لأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوماً وأنا ابن عمه؟ وإنما أطلب بدم عثمان، فأتوه فقولوا له فليدفع إلي قتلة عثمان، وأسلم له. فأتوا علياً فكلموه بذلك، فلم يدفعهم إليهم.
ثم إن علياً كتب إلى معاوية: أما بعد: فقد رأيت الدنيا وتصرفها بأهلها؛ ومن يقس شأن الدنيا بالآخرة يجد بينهما بالآخرة يجد بينهما بوناً بعيداً؛ ثم إنك يا معاوية قد ادعيت أمراً لست من أهله، لا في قديم ولا في حديث، ولست تدعي أمراً بيناً، ولا لك عليه شاهد من كتاب الله عز وجل، ولا عهد من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكيف أنت صانع إذا انقشعت عنك جلابيب ما أنت فيه؟ من أمر دنيا دعتك فأجبتها، وقادتك فاتبعتها وأمرتك فأطعتها! فأي شيء من هذا الأمر وجدته ينجيك؟! ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرعية؟ وولاة هذا الأمر؟ بغير قديم حسن، ولا شرف باسق؟ فلا تمكنن الشيطان من بغيته، مع أني أعلم أن الله ورسوله صادقين فيما قالا، فأعوذ بالله من لزوم الشقاء، فإنك يا معاوية مترف قد أخذ الشيطان منك مأخذاً، وجرى منك مجرى. اللهم أحكم بيننا وبين من خالفنا بالحق فأنت خير الحاكمين.
فكتب إليه معاوية: أما بعد يا علي فدعني من أحاديثك واكفف عني من

الصفحة 32