كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 25)

فقل لهم: تركت علياً قد نهد إليكم في أهل العراق. فإنهم سيحشدون إليك، ثم انظر ما يكون من أمرهم. قال: فسار الرجل حتى أتى دمشق، ثم دخل المسجد ولم يحلل عن راحلته ولم ينزع عنه شيئاً من ثيابه فلما دخل المسجد، عرفوا أنه غريب، وأنه مسافر، فسألوه: من أين أقبلت؟ فقال: من العراق. فحشدوا إليه فقالوا: ما الخبر وراءك؟ قال: تركت علياً قد حشد إليكم ونهد في أهل العراق. فكثر الناس عليه يسألونه، وبلغ ذلك معاوية، فأرسل إلى أبي الأعور السلمي: ما هذا القادم الذي قد أظهر هذا الخبر؟ انطلق حتى تكون أنت الذي تشافهه وتسأله، ثم ائتني بالخبر، فأتاه أبو الأعور فساءله فأخبره، فأتى معاوية فأخبره بأن الأمر على ما انتهى إليك؛ فقال لأبي الأعور: ناد في الناس الصلاة جامعة. فنادى في الناس فجاء الناس فقيل لمعاوية شحن الناس المسجد وامتلأ منهم فخرج معاوية فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن علياً قد نهد إليكم في أهل العراق فما الرأي؟ فضرب الناس بأذقانهم على صدورهم ولم يرفع إليه أحد طرفه، ولم يتكلم منهم متكلم، فقام ذو الكلاع الحميري فقال: يا أمير المؤمنين! عليك الرأي وعلينا ام فعال - قال: وهي بالحميرية يعني الفعال - فنزل معاوية عن المنبر وأمر أبا الأعور السلمي أن ينادي في الناس: أن اخرجوا إلى معسكركم، فإن أمير المؤمنين قد أجلكم ثلاثاً، فمن تخلف فقد أحل بنفسه.
فخرج رسول علي فرجع إليه، فأخبره الخبر، فأمر علي قنبراً فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس في المسجد، وصعد علي المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن رسولي الذي أرسلته إلى الشام قد قدم علي وأخبرني أن معاوية قد نهد إليكم في أهل الشام، فما الرأي؟ قال: فأضب أهل المسجد يقولون: يا أمير المؤمنين! الرأي كذا، يا أمير المؤمنين! الرأي كذا. فلم يفهم علي كلامهم من كثرة من تكلم، ولم يدر

الصفحة 36