كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 25)

جالس إذ أتي بعلي ومعاوية، فأدخلا بيتاً وأجيف عليهم الباب وأنا أنظر، فما كان بأسرع أن خرج علي وهو يقول: قضي لي ورب الكعبة. ثم ما كان بأسرع من أن خرج معاوية وهو يقول غفر لي ورب الكعبة.
قال أبو القاسم ابن أخي أبي زرعة الرازي: جاء رجل إلى عمي أبي زرعة فقال له: يا أبا زرعة! أنا أبغض معاوية. قال: لم؟ قال: لأنه قاتل علي بن أبي طالب. فقال له عمي: إن رب معاوية رب رحيم، وخصم معاوية خصم كريم، فأيش دخولك أنت بينهما رضي الله عنهم أجمعين؟.
سأل رجل أحمد بن حنبل عما جرى بين علي ومعاوية، فأعرض عنه، فقيل له: يا أبا عبد الله! هو رجل من بني هاشم، فأقبل عليه فقال: اقرأ: " تلك أمة قد خلت، لها ما كسبت ولكم ما كسبتم، ولا تسألون عما كانوا يعلمون ".
سأل النضر أبو عمر الحسن فقال: أبو بكر أفضل أم علي؟ قال: سبحان الله! ولا سواء سبقت لعلي سوابق شركه فيها أبو بكر، وأحدث علي أحداثاً لم يشركه فيها أبو بكر، أبو بكر أفضل. قال: فعمر أفضل أم علي؟ فذكر مثل قوله الأول. قال: عمر أفضل. قال: فعلي أفضل أم عثمان؟ فذكر مثل قوله الأول ثم قال: عثمان أفضل. فطمع السائل قال: علي أفضل أم معاوية؟ قال: سبحان الله! ولا سواء، سبقت لعلي سوابق لم يشركه فيها معاوية وأحدث علي أحداثاً شركه معاوية في أحداثه، علي أفضل من معاوية.
قال مغيرة: لما جاء قتل علي إلى معاوية جعل يبكي ويسترجع، فقالت له امرأته: تبكي عليه وقد كنت تقاتله؟! فقال لها: ويحك! إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم.

الصفحة 39