كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 25)

بأنبجانية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشعره، فأرسلت به، فأخذ الأنبجانية فلبسها، وأخذ شعره، فدعا بماء فغسله فشربه وأفاض على جلده.
قال الشعبي: لما قدم معاوية المدينة عام الجماعة تلقته رجال من وجوه قريش فقالوا: الحمد لله الذي أعز نصرك وأعلى أمرك. فما رد عليهم جواباً حتى دخل المدينة، فقصد المسجد وعلا المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني والله ما وليت أمركم حين وليته إلا وأنا أعلم أنكم لا تسرون بولايتي ولا تحبونها، وإني لعالم بما في نفوسكم، ولكني خالستكم بسيفي هذا مخالسة، ولقد رمت نفسي على عمل ابن أبي قحافة فلم أجدها تقوم بذلك، وأردتها على عمل ابن الخطاب فكانت عنه أشد نفوراً، وحاولتها على مثل سنيات عثمان فأبت علي، وأين مثل هؤلاء؟ هيهات أن يدرك فضلهم أحد ممن بعدهم! رحمة الله ورضوانه عليهم، غير أني قد سلكت بها طريقاً لي فيه منفعة ولكم فيه مثل ذلك، ولكل فيه مؤاكلة حسنة، ومشاربة جميلة، ما استقامت السيرة وحسنت الطاعة، فإن لم تجدوني خيركم فأنا خيركم لكم؛ والله لا أحمل السيف على من لا سيف معه، ومهما تقدم مما قد علمتموه فقد جعلته دبر أذني، وإن لم تجدوني أقوم بحقكم كله فارضوا مني ببعضه، فإنها ليست بقائبة قوبها، وإن السيل إذا جاء يترى وإن قل أغثى. وإياكم والفتنة فلا تهموا بها فإنها تفسد المعيشة وتكدر النعمة، وتورث الأستئصال. وأستغفر الله لي ولكم. ثم نزل.

الصفحة 45