كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 25)

شيئاً أعيبه عليه إلا بينته له. قال معاوية - لا برئ من الذنب -: فهل تعد يا مسور ما نلي من الإصلاح في أمر العامة؟ فإن الحسنة بعشر أمثالها؛ أم تعد الذنوب وتترك الحسنات؟ قال المسور: لا والله ما نذكر إلا ما نرى من هذه الذنوب. قال معاوية: فإنا نعترف لله بكل ذنب أذنبناه، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك إن لم يغفرها الله؟ قال مسور: نعم. قال معاوية: فما يجعلك أحق أن ترجو المغفرة مني، فو الله لما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي، ولكني والله لا أخير بين أمرين بين الله، وبين غيره إلا اخترت الله على ما سواه، وأنا على دين يقبل الله فيه العمل، ويجزي فيه بالحسنات، ويجزي فيه بالذنوب، إلا أن يعفو عمن شاء، فأنا أحتسب كل حسنة عملتها بأضعافها، وإذا رأى أموراً عظاماً لا أحصيها ولا يحصيها من عمل لله في إقامة صلوات المسلمين، والجهاد في سبيل الله، والحكم بما أنزل الله؛ والأمور التي ليست تحصيها وإن عددتها لك؛ فتفكر في ذلك، قال المسور: فعرفت أن معاوية قد خصمني حين ذكر لي ما ذكر.
قال عروة: فلم نسمع المسور بعد ذلك يذكر معاوية إلا صلى عليه.
قال ثابت مولى سفيان: سمعت معاوية وهو يقول: إني لست بخيركم، وإن فيكم من هو خير مني، عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وغيرهما من الأفاضل، ولكني عسيت أن أكون أنكاكم في عدوكم وأنعمكم لكم ولاية، وأحسنكم خلقاً.
وفي رواية: أن أكون أنفعكم ولاية وأدركم حلباً.
قال يونس بن حلبس: سمعت معاوية على منبر دمشق يوم الجمعة يقول: يا أيها الناس! اعقلوا قولي، فلن تجدوا أعلم بأمور الدنيا والآخرة مني، أقيموا وجوهكم وصفوفكم في الصلاة، فلتقيمن وجوهكم وصفوفكم في الصلاة، أو ليخالفن الله بين قلوبكم. خذوا على أيدي سفهائكم، فلتأخذن

الصفحة 48