كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 25)

بيننا وبينه حاكمناه إلى الله بأسيافنا. فنزل معاوية، فأرسل إلى الرجل، فأدخل عليه فقال القوم: هلك الرجل. ففتح معاوية الأبواب، فدخل الناس عليه، فوجدوا الرجل معه على السرير، فقال معاوية للناس إن هذا أحياني أحياه الله، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: سيكون أئمة من بعدي، يقولون فلا يرد عليهم قولهم، يتقاحمون في النار كما تقاحم القردة. وإني تكلمت أول جمعة فلم يرد علي أحد، فخشيت أن أكون منهم؛ ثم تكلمت الثانية فلم يرد علي أحد، فقلت في نفسي: إني من القوم. فتكلمت الجمعة الثالثة، فقام هذا الرجل فرد علي، فأحياني أحياه الله، فرجوت أن يخرجني الله منهم. فأعطاه وأجازه.
قيل: إن هذا القائل لمعاوية هذا القول أبو بحرية عبد الله بن قيس السكوني.
وعن أبي مسلم الخولاني عن معاوية: أنه خطب الناس، وقد حبس العطاء شهرين أو ثلاثة، فقال له أبو مسلم: يا معاوية! إن هذا المال ليس بمالك ولا مال أبيك ولا مال أمك. فأشار معاوية إلى الناس أن امكثوا؛ فنزل واغتسل، ثم رجع فقال: أيها الناس! إن أبا مسلم ذكر أن هذا المال ليس بمالي ولا مال أبي ولا مال أمي، وصدق أبو مسلم، إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: الغضب من الشيطان والشيطان من النار، والماء يطفئ النار، فإذا غضب أحدكم فليغتسل. اغدوا على عطائكم على بركة الله عز وجل.
وعن عطية بن قيس قال: خطبنا معاوية فقال: إن في بيت مالكم فضلاً عن عطائكم، وإني قاسم بينكم ذلك، فإن كان فيه قابلاً فضل قسمته عليكم، وإلا فلا عتيبة علي، فإنه ليس مالي، وإنما هو فيء الله الذي أفاء عليكم.

الصفحة 51