كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 25)

وعن قتادة قال: لما انتهى كتاب الحكم بن عمرو إلى زياد كتب بذلك إلى معاوية، وجعل كتاب الحكم في جوف كتابه، فلما قدم الكتاب على معاوية خرج إلى الناس فأخبرهم بكتاب زياد وصنيع الحكم فقال: ما ترون؟ فقال بعضهم: أرى أن تصلبه. وقال بعضهم: أرى أن تقطع يديه ورجليه. وقال بعضهم: أرى أن تغرمه المال الذي أعطي. فقال معاوية: لبئس الوزراء أنتم! لوزراء فرعون كانوا خيراً منكم، أتأمروني أن أعمد إلى رجل آثر كتاب الله تعالى على كتابي، وسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على سنتي، فأقطع يديه ورجليه؟! بل أحسن وأجمل وأصاب! فكانت هذه مما يعد من مناقب معاوية.
قال أبو قبيل: كان معاوية قد جعل في كل قبيل رجلاً، وكان رجل منا يكنى أبا الجيش، يصيح في كل يوم، فيدور على المجالس: هل ولد فيكم الليلة ولد؟ هل حدث الليلة حدث؟ هل نزل بكم اليوم نازل؟ فيقولون: ولد لفلان غلام، ولفلان. فيقول: فما سمي؟ فيقال له، فيكتب، فيقول: هل نزل بكم الليلة نازل؟ فيقولون: نعم، نزل رجل من أهل اليمن، يسمونه وعياله، فإذا فرغ من القبيل كله أتى الديوان فأوقع أسماءهم في الديوان.
قال عبيد بن سلمان الطابخي: كنت جالساً عند معاوية، فرأيته متواضعاً، ولم أر له سياطاً غير مخاريق كمخاريق الصبيان، من رقاع قد فتلت يفقعون بها.

الصفحة 52