كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 28)

خفيه، فإذا بزق، أو تنخع تنخع عليهما. قال: ولو جمع ما في بيته لكان رداء هذا الرجل أفضل من جميع ما في بيته.
عن أبي عثمان النهدي قال: رأيت أبا ذر يميد على راحلته، وهو مستقبل مطلع الشمس، فظننته نائماً، فدنوت منه، فقلت: أنائم أنت يا أبا ذر؟ فقال: لا بل كنت أصلي.
عن بريدة بن سفيان ومحمد بن كعب القرظي قالا: لما صار أبو ذر إلى الربذة وأصابه قدره لم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه فأوصاهما أن اغسلاني، وكفناني، وضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمر بكم قولوا له: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأعينونا على دفنه. فلما مات فعلا به ذلك، ثم وضعاه على قارعة الطريق، فأقبل عبد الله بن مسعود في رهط من أهل العراق عماراً، فلم يرعهم إلا بجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل أن تطأها، فقام إليهم الغلام، فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأعينونا على دفنه، فاستهل عبد الله يبكي، وقال: صدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تمشي وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك، فنزل هو وأصحابه فواروه.
عن محمد بن كعب
أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيل له عام تبوك: تخلف أبو ذر، وهو في الطريق، فطلع، فقال: يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده. قال: فلما حضرت أبا ذر الوفاة، وذلك في ذي الحجة سنة ثمان من إمارة عثمان، قال لابنته: استشرفي يا بنية هل ترين أحداً؟ قالت: لا، قال: فما جاءت ساعتي بعد، ثم أمرها،

الصفحة 313