كتاب المعجم الكبير للطبراني - ط إحياء التراث (اسم الجزء: 1)
فَإِنَّ فِي يَزِيدَ ، وَعَبْدِ اللهِ ، وَوَلَدِهِمَا مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنَيَّ ، فَسَقَاهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ الشَّرْبَةَ ، فَبَرَأَ فَلَمْ يُولَدْ بَعْدُ لَهُ ، فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَقْصُورَاتِ ، وَقِيَامِ الشُّرَطِ عَلَى رَأْسِهِ ، وَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ : أَيْ بَنِيَّ أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللهِ ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ لِوَقْتِهَا ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَ مَحِلِّهَا ، وَحُسْنِ الْوُضُوءِ ، فَإِنَّهُ لاَ يُقْبَلُ صَلاَةٌ إِلاَّ بِطَهُورٍ ، وَأُوصِيكُمْ بِغَفْرِ الذَّنْبِ ، وَكَظْمِ الْغَيْظِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَالْحِلْمِ عَنِ الْجَهْلِ ، وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ ، وَالتَّثَبُّتِ فِي الأَمْرِ ، وَتَعَاهُدِ الْقُرْآنِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَاجْتِنَابِ الْفَوَاحِشِ ، قَالَ : ثُمَّ نَظَرَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ : هَلْ حَفِظْتَ مَا أَوْصَيْتُ بِهِ أَخَوَيْكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِنِّي أُوصِيكَ بِمِثْلِهِ ، وَأُوصِيكَ بِتَوقِيرِ أَخَوَيْكَ لِعِظَمِ حَقِّهِمَا عَلَيْكَ ، وَتَزْيِينِ أَمْرِهِمَا ، وَلاَ تَقْطَعْ أَمْرًا دُونَهُمَا ، ثُمَّ قَالَ لَهُمَا : أُوصِيكُمَا بِهِ ، فَإِنَّهُ شَقِيقُكُمَا ، وَابْنُ أبِيكُمَا ، وَقَدْ عَلِمْتُمَا أَنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُحِبُّهُ ، ثُمَّ أَوْصَى فَكَانَتْ وَصِيَّتُهُ :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَوْصَى أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، ثُمَّ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، ثُمَّ أُوصِيكُمَا يَا حَسَنُ ، وَيَا حُسَيْنُ ، وَجَمِيعَ أَهْلِي وَوَلَدِي ، وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي بِتَقْوَى اللهِ رَبِّكُمْ ، وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا ، وَلاَ تَفَرَّقُوا ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ صَلاَحَ ذَاتِ الْبَيْنِ أَعْظَمُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَانْظُرُوا إِلَى ذَوِي أَرْحَامِكُمْ فَصِلِوهُمْ يُهَوِّنُ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحِسَابَ ، وَاللَّهَ اللَّهَ فِي الأَيْتَامِ لاَ يَضِيعُنَّ بِحَضْرَتِكُمْ ، وَاللَّهَ اللَّهَ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّهَا عَمُودُ دِينِكُمْ ،
الصفحة 101