كتاب المعجم الكبير للطبراني - ط إحياء التراث (اسم الجزء: 1)
فَفَعَلْتُ ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ تَوَضَّأْتُ ، ثُمَّ قُمْتُ لأُؤَذِّنَ بِالصَّلاَةِ ، فَإِذَا الْمُشْرِكُ قَدْ أَقْبَلَ فِي عِصَابَةٍ مِنَ التُّجَّارِ ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ : يَا حَبَشِيُّ ، قُلْتُ : يَا لَبَّيْكَ ، فَتَجَهَّمَنِي ، وَقَالَ لِي قَوْلاً عَظِيمًا ، فَقَالَ : أَتَدْرِي كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّهْرِ ، قُلْتُ : قَرِيبٌ ، قَالَ : إِنَّمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَرْبَعٌ ، وَآخُذُكَ بِالَّذِي لِي عَلَيْكَ ، فَإِنِّي لَمْ أُعْطِكَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ مِنْ كَرَامَتِكَ ، وَلاَ كَرَامَةِ صَاحِبِكَ عَلَيَّ ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَعْطَيْتُكَ لأَتَّخِذَكَ لِي عَبْدًا ، فَأَرُدُّكَ تَرْعَى الْغَنَمَ كَمَا كُنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَأَخَذَ فِي نَفْسِي مَا يَأْخُذُ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ ، فَانْطَلَقْتُ ، ثُمَّ أَذَّنْتُ بِالصَّلاَةِ حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَتَمَةَ ، رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِهِ ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِي ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ الْمُشْرِكَ الَّذِي كُنْتُ ادَّنْتُ مِنْهُ ، قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا ، وَلَيْسَ عِنْدَكَ مَا تَقْضِي عَنِّي ، وَلَيْسَ عِنْدِي ، وَهُوَ فَاضِحِي ، فَائْذَنْ لِي أَنْ آبَقَ إِلَى بَعْضِ هَؤُلاَءِ الأَحْيَاءِ الَّذِينَ قَدْ أَسْلَمُوا حَتَّى يَرْزُقَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَقْضِي عَنِّي ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ مَنْزِلِي ، فَجَعَلْتُ سَيْفِي وَجِرَابِي وَمِجَنِّي وَنَعْلِي عِنْدَ رَأْسِي ، وَاسْتَقْبَلْتُ بِوَجْهِي الأُفُقَ ، فَكُلَّمَا نِمْتُ سَاعَةً انْتَبَهْتُ ، فَإِذَا رَأَيْتُ عَلَيَّ لَيْلاً نِمْتُ ، حَتَّى يَنْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ الأَوَّلِ ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْطَلِقَ ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يَسْعَى يَدْعُو : يَا بِلاَلُ أَجِبْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ فَإِذَا أَرْبَعُ رَكَائِبَ مُنَاخَاتٌ عَلَيْهِنِّ أَحْمَالُهُنُّ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنْتُ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَبْشِرْ ، فَقَدْ جَاءَكَ اللَّهُ بِقَضَائِكَ فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَقَالَ : أَلَمْ تَمُرَّ عَلَى الرَّكَائِبِ الْمُنَاخَاتِ الأَرْبَعِ ؟ قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : إِنَّ لَكَ رِقَابَهُنَّ ، وَمَا عَلَيْهِنَّ كِسْوَةٌ وَطَعَامٌ أَهْدَاهُنَّ إِلَيَّ عَظِيمُ فَدَكَ ، فَاقْبِضْهُنَّ ثُمَّ اقْضِ دَيْنَكَ فَفَعَلْتُ ، فَحَطَطْتُ عَنْهُنَّ أَحْمَالَهُنَّ ، ثُمَّ عَقَلْتُهُنَّ ، ثُمَّ قُمْتُ إِلَى تَأْذِينِي صَلاَةَ الصُّبْحِ حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجْتُ إِلَى الْبَقِيعِ ، فَجَعَلْتُ إِصْبَعَيَّ فِي أُذُنِيَّ ، فَنَادَيْتُ ، فَقُلْتُ : مَنْ كَانَ يَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَيْنٍ فَلْيَحْضُرْ
الصفحة 364