كتاب المعجم الكبير للطبراني - ط إحياء التراث (اسم الجزء: 7)

قَالَ : فَأَنْتَ الَّذِي أَتَاكَ رِئِيُّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَأَنْتَ عَلَى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كِهَانَتِكَ ؟ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا اسْتَقْبَلَنِي بِهَذَا أَحَدٌ مُنْذُ أَسْلَمْتُ ، فَقَالَ عُمَرُ : يَا سُبْحَانَ اللهِ وَاللَّهِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِنَ كِهَانَتِكَ ، أَخْبِرْنِي بِإِتْيَانِكَ رِئِيَّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ أَتَانِي رِئِيِّي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ : قُمْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ ، فافْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَإِلَى عِبَادَتِهِ ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ :
عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَجْسَاسِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَحْلاَسِهَا
تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا خَيِّرُ الْجِنِّ كَأَنْجَاسِهَا
فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... وَاسْمُ بِعَيْنَيْكَ إِلَى رَأْسِهَا
قَالَ : فَلَمْ أَرْفَعْ لِقَوْلِهِ رَأْسًا ، وَقُلْتُ : دَعْنِي أَنَمْ ، فَإِنِّي أَمْسَيْتُ نَاعِسًا ، فَلَمَّا أَنْ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ : أَلَمْ أَقُلْ لَكَ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ ، قُمْ فَافْهَمْ وَاعْقِلْ , إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى عِبَادَتِهِ ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْجِنِّيُّ يَقُولُ :
عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتِطْلاَبِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَقْتَابِهَا
تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا صَادِقُ الْجِنِّ كَكَذَّابِها
فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... لَيْسَ قُدَامَاهَا كَأَذْنَابِهَا

الصفحة 93