كتاب المعجم الكبير للطبراني - ط إحياء التراث (اسم الجزء: 17)

فَقَالَ عُمَيْرٌ : إِنَّ عَهْدَكَ بِهَا لَحَدِيثٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ بَدَّلَنَا اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا ، فَمَا أَقْدَمَكَ يَا عُمَيْرُ ؟ قَالَ : قَدِمْتُ فِي أَسِيرِي عِنْدَكُمْ فَقَارِبُونِي فِي أَسِيرِي فَإِنَّكُمُ الْعَشِيرَةُ وَالأَهْلُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي رَقَبَتِكَ ؟ فَقَالَ عُمَيْرٌ : قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ سُيُوفٍ فَهَلْ أَغْنَتْ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ ، أَنَا نَسِيتُهُ وَهُوَ فِي رَقَبَتِي حِينَ نَزَلْتُ وَلَعَمْرِي إِنَّ لِي غَيْرَةً ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اصْدُقْنِي مَا أَقْدَمَكَ ؟ قَالَ : مَا قَدِمْتُ إِلاَّ فِي أَسِيرِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَمَا شَرَطْتَ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ فِي الْحِجْرِ ؟ فَفَزِعَ عُمَيْرٌ وَقَالَ : مَاذَا اشْتَرَطْتُ لَهُ قَالَ : تَحَمَّلْتَ لَهُ بِقَتْلَي عَلَى أَنْ يَعُولَ بَنِيكَ وَيَقْضِي دَيْنَكَ وَاللَّهُ حَائِلٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَلِكَ ، فَقَالَ عُمَيْرٌ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ وَأَشْهَدُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، كُنَّا يَا رَسُولَ اللهِ نُكَذِّبُكَ بِالْوَحْيِ ، وَبِمَا يَأْتِيكَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَفْوَانَ فِي الْحِجْرِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، ثُمَّ أَخْبَرَكَ اللَّهُ بِهِ ، فَآمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي هَذَا الْمَقَامَ ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ هَدَاهُ اللَّهُ ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَخَنْزِيرٌ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ حِينَ اطَّلَعَ ، وَلَهْوَ الْيَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَعْضِ بَنِيَّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اجْلِسْ نُوَاسِكَ وَقَالَ : عَلِّمُوا أَخَاكُمُ الْقُرْآنَ ، وَأَطْلَقَ لَهُ أَسِيرَهُ وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، قَدْ كُنْتُ جَاهِدًا مَا اسْتَطَعْتُ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللهِ ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي هَذَا الْمَسَاقَ فَلْتَأْذَنْ لِي فَأَلْحَقَ بِقُرَيْشٍ فَاَدْعُوَهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ لَعَلََّ اللَّهَ يَهْدِيهِمْ ويَسْتَنْقِذُهُمْ مِنَ الْهَلَكَةِ ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ ، وَجَعَلَ صَفْوَانُ يَقُولُ لِقُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ : أَبْشِرُوا بِفَتْحٍ يُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ ، وَجَعَلَ يَسْأَلُ كُلَّ رَاكِبٍ قَدِمَ مِنَ الْمَدِينَةِ هَلْ كَانَ بِهَا مِنْ حَدَثٍ وَكَانَ يَرْجُو مَا قَالَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ : حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، فَسَأَلَ صَفْوَانُ عَنْهُ ، فَقَالَ : قَدْ أَسْلَمَ ، فَلَقِيَهُ الْمُشْرِكُونَ ، فَقَالُوا : قَدْ صَبَأَ وَقَالَ صَفْوَانُ : إِنَّ عَلَيَّ أَنْ لاَ أَنْفَعَهُ بِنَفَقَةٍ أَبَدًا وَلاَ أُكَلِّمَهُ مِنْ رَأْسِ كَلِمَةٍ أَبَدًا ، وَقَدِمَ عَلَيْهِمْ عُمَيْرٌ وَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ ، وَنَصَحَ لَهُمْ فَأَسْلَمَ بَشَرٌ كَثِيرٌ.

الصفحة 57