كتاب المعجم الكبير للطبراني - ط إحياء التراث (اسم الجزء: 19)
حَتَّى إِذَا دَنَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً جَاءَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ اعْتَزِلُوا نِسَاءَكُمْ ، فَأَمَّا هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : إِنَّهُ شَيْخٌ ضَعِيفٌ بَصَرُهُ ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَصْنَعَ لَهُ طَعَامًا ؟ قَالَ : لاَ ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبَنَّكِ ، قَالَتْ : وَاللَّهِ مَا بِهِ مِنْ حَرَكَةٍ إِلَى شَيْءٍ ، وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِي إِذْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا ، قَالَ : فَقَالَ لِي أَهْلِي : لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ ، قَالَ : فَقُلْتُ : وَاللَّهِ مَا أَسْتَأْذِنَهُ فِيهَا ، وَمَا أَدْرِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِ اسْتَأْذَنْتُهُ ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ وَأَنَا شَابٌّ ، فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِي : الْحَقِي بِأَهْلِكِ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ مَا هُوَ قَاضٍ ، وَطَفِقْنَا نَمْشِي فِي النَّاسِ وَلاَ يُكَلِّمُنَا أَحَدٌ ، وَلاَ يُرَدُّ عَلَيْنَا سَلاَّمٌ ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارًا لاِبْنِ عَمِّي فِي حَائِطِهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَمَا حَرَّكَ شَفَتَيْهِ يَرُدُّ عَلِيَّ السَّلاَمَ ، فَقُلْتُ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ ، أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟ فَمَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً ، ثُمَّ عُدْتُ فَلَمْ يُكَلِّمْنِي ، ثُمَّ عُدْتُ فَلَمْ يُكَلِّمْنِي ، حَتَّى إِذَا كَمُلَتِ الرَّابِعَةُ أَوِ الثَّالِثَةُ ، قَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، فَرَجَعْتُ وَإِنِّي لأَمْشِي فِي السُّوقِ وَإِذَا النَّاسُ يُشِيرُونَ إِلَيَّ بِأَيْدِيهِمْ ، فَإِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ نَبَطِ الشَّامِ يَسْأَلُ عَنِّي ، فَجَعَلُوا يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ حَتَّى جَاءَنِي فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ بَعْضِ قَوْمِي بِالشَّامِ : قَدْ بَلَغَنَا مَا صَنَعَ بِكَ صَاحِبُكَ وَجَفْوَتُهُ عَنْكَ ، فَالْحَقْ بِنَا ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَجْعَلْكَ بِدَارِ هَوَانٍ وَلاَ دَارَ مَضْيَعَةٍ نُوَاسِكَ فِي أَمْوَالِنَا ، قَالَ : قُلْتُ : أَنَا لِلَّهِ فِي طَمَعٍ فِي أَهْلِ الْكُفْرِ ، فَتَيَمَّمْتُ لَهُ تَنُّورًا فَسَجَرْتُهُ لَهَا ، فَوَاللَّهِ أَنَا لَعَلَى تِلْكَ الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْنَا الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْنَا أَنْفُسُنَا ، صَبَاحِيَّةَ لَيْلَةٍ مُنْذُ نُهِيَ عَنْ كَلاَمِنَا أُنْزِلَتِ التَّوْبَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ آذَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى الْفَجْرَ ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَى فَرَسٍ ، أَوْ سَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ ،
الصفحة 55