كتاب المعجم الكبير للطبراني (اسم الجزء: 19)

14 - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ حَمَّادٍ الرَّمْلِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ: «§مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ؟» ، فَقَامَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «اقْعُدْ» ، فَقَعَدَ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ: «مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ؟» ، فَقَامَ أَبُو دُجَانَةَ الثَّانِيَةَ، فَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ، فَقَامَ أَبُو دُجَانَةَ فَرَبَطَ عَلَى عَيْنَيْهِ عِصَابَةً حَمْرَاءَ، فَرَفَعَ حَاجِبَيْهِ عَنْ عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبْرِ، ثُمَّ مَشَى بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيْفِ
15 - حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ -[10]- بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو أُبَيْرِقَ، بِشْرٌ، وَبَشِيرٌ، وَمُبَشِّرٌ، وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلًا مُنَافِقًا، وَكَانَ يَقُولُ الشَّعْرَ يَهْجُو بِهِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَنْحَلُهُ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، وَيَقُولُ: قَالَ فُلَانٌ كَذَا، وَقَالَ فُلَانٌ كَذَا، فَإِذَا سَمِعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ الشَّعْرِ، قَالُوا: وَاللهِ مَا يَقُولُ هَذَا الشَّعْرَ إِلَّا الْخَبِيثُ، فَقَالَ: أَوَكُلَّمَا قَالَ الرَّجُلُ قَصِيَدةً قَالُوا: ابْنُ أُبَيْرِقٍ قَالَهَا، وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ فَاقَةٍ وَحَاجَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، وَكَانَ النَّاسُ إِنَّمَا طَعَامُهُمْ بِالْمَدِينَةِ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَهُ الْيَسَارُ أَكَلَ الْبُرَّ، فَقَدِمَ طَعَامٌ مِنَ الشَّامِ، فَابْتَاعَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ حِمْلًا مِنَ الدَّرْمَكِ، فَجَعَلَهُ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، وَفِي الْمَشْرُبَةِ سِلَاحٌ لَهُ دِرْعَانِ وَسَيْفَاهُمَا، وَمَا يُعَلِّمُهُمَا، فَعُدِّيَ عَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ اللَّيْلِ، وَنُقِبَتِ الْمَشْرُبَةُ، وَأُخِذَ الطَّعَامُ وَالسِّلَاحُ، فَأَتَانِي عَمِّي رِفَاعَةُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي تَعْلَمُ أَنَّهُ عُدِّيَ عَلَيْنَا فِي لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَنُقِبَتِ الْمَشْرُبَةُ، فَذُهِبَ بِطَعَامِنَا وَسِلَاحِنَا، فَتَحَسَّسْنَا فِي الدَّارِ وَسَأَلْنَا، فَقِيلَ: قَدْ رَأَيْنَا بَنِي أُبَيْرِقٍ، وَاسْتَوْقَدُوا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَمَا نَرَى فِيمَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ عَلَى بَعْضِ طَعَامِكُمْ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ بَنُو أُبَيْرِقٍ وَنَحْنُ نَسْأَلُ فِي الدَّارِ: وَاللهِ مَا نَرَى صَاحِبَكُمْ إِلَا لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ، رَجُلٌ مِنَّا لَهُ صَلَاحٌ وَإِسْلَامٌ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ لَبِيدٌ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ، وَقَالَ: أَنَا أَسْرِقُ، وَاللهِ لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ أَوْ لَتُبَيِّنُنَّ هَذِهِ السَّرِقَةَ، قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا أَيُّهَا الرَّجُلُ، وَاللهِ مَا أَنْتَ بِصَاحِبِهَا، فَسَأَلْنَا فِي الدَّارِ حَتَّى لَمْ يُشَكَّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهَا، فَقَالَ لِي عَمِّي: يَا ابْنَ أَخِي لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتَ ذَلِكَ لَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ §أَهْلَ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلَ جَفَاءٍ، عَمَدُوا إِلَى عَمِّي رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ فَنَقَبُوا مَشْرُبَةً لَهُ، وَأَخَذُوا سِلَاحَهُ وَطَعَامَهُ، فَلْيَرْدُدْ إِلَيْنَا سِلَاحَنَا، أَمَا الطَّعَامُ فَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ، فَقَالَ -[11]- رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ» ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ بَنُو أُبَيْرِقٍ أَتَوْا رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: أُسَيْدُ بْنُ عُرْوَةَ، وَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ، وَاجْتَمَعَ لَهُ ثَلَاثُونَ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ وَعَمَّهُ عَمَدَا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلِ إِسْلَامٍ وَصَلَاحٍ يَرْمُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَلَا ثَبْتٍ، قَالَ قَتَادَةُ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ: «أَعَمَدْتُمْ إِلَى قَوْمٍ ذُكِرَ مِنْهُمْ إِسْلَامٌ وَصَلَاحٌ تَرْمُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ؟» ، فَرَجَعْتُ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بَعْضِ مَالِي وَلَمْ أُكَلِّمَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، فَأَتَانِي عَمِّي رِفَاعَة، فَقَالَ: ابْنَ أَخِي مَا صَنَعْتَ؟، فَأَخْبَرْتُهُ مَا قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اللهُ الْمُسْتَعَانُ، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] ، بَنِي أُبَيْرِقٍ، {وَاسْتَغْفَرِ اللهَ} [النساء: 106] ، أَيْ مِمَّا قُلْتَ لِقَتَادَةَ، {إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} [النساء: 107] ، بَنِي أُبَيْرِقٍ، {إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ، وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيَّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ، وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ} ، الْآيَةُ إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 23] ، أَيْ لَوْ أَنَّهُمُ اسْتَغْفَرُوا اللهَ لَغَفَرَ لَهُمْ، {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا} [النساء: 111] فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا، قَوْلُهُمْ لِلَبِيدٍ، {وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ} [النساء: 113] ، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّلَاحِ، فَرَدُّهُ إِلَى رِفَاعَةَ. قَالَ قَتَادَةُ: فَلَمَّا أَتَيْتُ عَمِّيَ بِالسِّلَاحِ، وَكَانَ شَيْخًا قَدْ عَمِيَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكُنْتُ أَرَى إِسْلَامَهُ مَدْخُولًا، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ بِالسِّلَاحِ، قَالَ: ابْنَ أَخِي هُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَعَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ صَحِيحًا، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ لَحِقَ بَشِيرٌ بِالْمُشْرِكِينَ، فَنَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ بِنْتِ سَعِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِ {وَمَنْ يُشَاقِقِ} [النساء: 115] الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا، إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا، فَلَمَّا نَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ بِنْتِ سَعِيدٍ رَمَاهَا بِأَبْيَاتِ شَعَرٍ، أَخَذَتْ رَحْلَهُ فَوَضَعَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا، ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ فَرَمَتْ بِهِ الْأَبْطَحَ، وَأَنَّهُ نَفَتَ عَلَى قَوْمٍ مِنْهُمْ لِيَسْرِقَ مَتَاعَهُمْ فَأَلْقَى الله عَلَيْهِ صَخْرَةً، فَكَانَتْ قَبْرَهُ

الصفحة 9