كتاب المعجم الكبير للطبراني - ط إحياء التراث (اسم الجزء: 20)

فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مِنْ مُضَرَ أَطْلَقَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَجَزَّ نَاصِيَتَهُ ، وَأَعْتَقَهُ عَنْ رَقَبَةٍ زَعَمَ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى أُمِّهِ ، فَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْقَرْقَرَةِ مِنْ صَدْرِ قَنَاةٍ أَقْبَلَ رَجُلاَنِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ حَتَّى نَزَلاَ مَعَهُ فِي ظِلٍّ هُوَ فِيهِ ، وَكَانَ لِلْعَامِرِيِّيِّنَ عَقْدٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجِوَارٌ ، فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ وَقَدْ سَأَلَهُمَا حِينَ نَزَلاً : مِمَّنْ أَنْتُمَا ؟ قَالاَ : مِنْ بَنِي عَامِرٍ ، فَأَمْهَلَهُمَا حَتَّى إِذَا نَامَا عَدَا عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ أَصَابَ بِهِمَا ثَأْرَهُ مِنْ بَنِي عَامِرٍ لِمَا أَصَابُوا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَئِنْ قَتَلْتَ قَتِيلَيْنِ لأَدِيَنَّهُمَا ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذَا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ ، قَدْ كُنْتُ لَهَا كَارِهًا مُتَخَوِّفًا فَبَلَغَ ذلك أَبَا بَرَاءٍ فَشَقَّ عَلَيْهِ إِخْفَارُ عَامِرٍ إِيَّاهُ ، وَمَا أُصِيبَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبَبِهِ وَجِوَارِهِ ، وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُحَرِّضُ بَنِي أَبِي بَرَاءٍ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ :
بَنِي أُمِّ الْبَنِينَ أَلَمْ يَرُعْكُمْ ... وَأَنْتُمْ مِنْ ذَوَائِبِ أَهْلِ نَجْدِ
تَهَكُّمُ عَامِرٍ بِأَبِي بَرَاءٍ ... لِيَخْفِرَهُ وَمَا خَطَأٌ كَعَمْدِ
أَلاَ أَبْلِغْ رَبِيعَةَ ذَا الْمَسَاعِي ... فَمَا أَحْدَثْتَ فِي الْحَدَثَانِ بَعْدِي
أَبُوكَ أَبُو الْحُرُوبِ أَبُو بَرَاءٍ ... وَخَالُكَ مَاجِدٌ حَكَمُ بْنُ سَعْدِ
فَحَمَلَ رَبِيعَةُ بْنُ عَامِرٍ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ فَطَعَنَهُ بِالرُّمْحِ فَوَقَعَ فِي فَخِذِهِ وَأَشْوَاهُ وَوَقَعَ عَنْ فَرَسِهِ ، فَقَالَ : هَذَا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ ، فَإِنْ أَمُتْ فَدَمِي لِعَمِّي ، فَلاَ يُتْبَعَنَّ بِهِ ، وَإِنْ أَعِشْ فَسَأَرَى رَأْيِي فِيمَا أَتَى إِلَيَّ.

الصفحة 358