كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 2)

وقلت: امدح به من شئت غيري ... ومن ذا يقبل المدح الرديدا1
وهل للحي في أكفان ميتٍ ... لبوسٌ بعدما امتلأت صديدا2
وقد ورد لأبي الطيب المتنبي من ذلك كقوله3:
أجزني إذا أنشدت مدحًا فإنما ... بشعري أتاك المادحون مرددا
ودع كل صوتٍ بعد4 صوتي فإنني ... أنا الصائح المحكي والآخر الصدى
فالبيت الأول قد توارد على معناه الشعراء قديمًا وحديثًا، لكن البيت الثاني -في التمثيل الذي مثله- ليس لأحد إلا له.
وكذلك قوله5:
بهجر سيوفك أغمادها ... تمنى الطلى6 أن تكون الغمودا
إلى الهام تصدر عن مثله7 ... ترى صدرًا عن ورودٍ ورودا
وكذلك قوله في بدر بن عمار يهنيه ببرئه من مرض8:
قصدت من شرقها ومغربها ... حتى اشتكتك الركاب والسبل
لم تبق إلا قليل عافيةٍ ... قد وفدت تجتديكها العلل
__________
1 بعد هذا البيت بيت أغفله ابن الأثير، وهو:
ولا سيما وقد أعبقت فيه ... مخازيك اللواتي لن تبيدا
2 رواية الديوان "وما للحي" موضع "وهل للحي".
3 ديوان المتنبي 1/ 291 من قصيدة يمدح فيها سيف الدولة، ويهنيه بعيد الأضحى، ومطلعها:
لكل امرئ من دهره ما تعودا ... وعادات سيف الدولة الطعن في العدا
4 رواية الديوان "غير صوتي".
5 ديوان المتنبي 1/ 269 من قصيدة في مدح بدر بن عمار الأسدي، ومطلعها:
أحلما نرى أم زمانا جديدا ... أم الخلق في شخص حي أعيدا
6 الطلى الأعناق: والغمود جمع غمد وهو جفن السيف.
7 الهام الرءوس، يقول: أبدا سيوفك تصدر عن هام إلى هام أخرى.
8 الديوان 3/ 217 من قصيدة يمدح فيها بدر بن عمار وقد قصد لعلة، ومطلعها:
العد نأي المليحة البخل ... في البعد ما لا تكلف الإبل

الصفحة 22