كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 2)

إني وما نحروا غداة منىً ... عند الجمار يئودها العقل1
لو بدلت أعلى مساكنها ... سفلًا وأصبح سفلها يعلو
لعرفت مغناها بما2 ضمنت ... مني الضلوع لأهلها قبل
ثم جاء المحدثون من بعده، فانسحبوا على ذيله، وحذوا حذوه، فقال أبو تمام3:
وقفت وأحشائي منازل للأسى ... به وهو قفرٌ قد تعفت منازله
وقال البحتري4:
عفت الرسوم وما عفت أحشاؤه ... من عهد شوقٍ ما تحول5 فتذهب
وقال المتنبي6:
لك يا منازل في القلوب منازل ... أقفرت أنت وهن منك أواهل
وهذا المعنى قد تداوله الشعراء، حتى إنه ما من شاعر إلا ويأتي به في شعره.
وكذلك ورد لبعضهم من شعراء الحماسة7:
أناخ اللؤم وسط بني رياح ... مطيته وأقسم لا يريم8
كذلك كل ذي سفرٍ إذا ما ... تناهى عند غايته يقيم9
__________
1 في الأصل "وإن نحروا"، والواو من "وما نحروا" القسم وآده أعياه، والعقل واحده عقال، ما يعقل به البعير عن السير أو للنحر، وجواب القسم "لو بدلت" إلى آخر الأبيات.
2 في ديوان الحماسة، "لما ضمنت".
3 ديوان أبي تمام 229 من قصيدة يمدح فيها المعتصم بالله، أولها:
أجل أيها الربع الذي خف آهله ... لقد أدركت فيك النوى ما تحاوله
4 ديوان البحتري 3-188 من قصيدة يمدح بها إسحاق بن إبراهيم، ومطلعها:
عارضتنا أصلا فقلنا الربرب ... حتى أضاء الأقحوان الأشنب
5 في الديوان "ما يحول" بالياء.
6 ديوان المتنبي 3-249 مطلع قصيدة في مدح القاضي أبي الفضل أحمد بن عبد الله الأنطاكي.
7 ديوان الحماسة 2، 228.
8 في الأصل "بني رماح" و"وأقسم"، والتصويب عن ديوان الحماسة، ومعنى لا يريم لا يبرح.
9 في ديوان الحماسة "مقيم" بالميم موضع الياء.

الصفحة 49