كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 2)

لحافي لحاف الضيف والبيت بيته ... ولم يلهني عنه غزالٌ مقنع
أحدثه، إن الحديث من القرى ... وتعلم نفسي أنه سوف يهجع1
فالغزال المقنع هذا استعارة للمرأة الحسناء.
وكذا ورد قول رجل من بني يسار في كتاب الحماسة أيضًا2:
أقول لنفسي حين خود رألها ... رويدك لما تشفقي حين مشفق
رويدك حتى تنظري عم تنجلي ... عماية هذا العارض المتألق
فالعارض المتألق: استعارة للحرب، أو الذي أطل بمكروهه كالبارق المتألق.
ويحكى أن امرأة وقفت لعبد الملك بن مروان3، وهو سائر إلى قتال مصعب بن الزبير4، فقالت: يا أمير المؤمنين فقال: رويدك حتى تنظري عم تنجلي.... وأنشد البيت.
ومن هذا الباب قول عبد السلام بن رغبان المعروف بديك الجن:
لما نظرت إلي عن حدق المها ... وبسمت عن متفتح النوار
وعقدت بين قضيبٍ بانٍ أهيفٍ ... وكثيب رملٍ عقدة الزنار
عفرت خدي في الثرى لك طائعًا ... وعزمت فيك على دخول النار
__________
1 البيتان في ديوان الحماسة 2/ 314، ومعناهما كل ما أملكه فهو للضيف، وليس يلهيني عنه ما يلهي الناس، وإني لا أقصر على إطعامه، بل لا أزال أحدثه وأونسه حتى ينام، والغزال المقنع أراد به ذا الوجه الجميل.
2 ديوان الحماسة 1/ 143، وقد نسب هذا الشعر لرجل من بني أسد قاله في يوم اليمامة، وقد سبق إيراد البيتين، وتصحيحهما في صفحة 381 من القسم الأول من هذا الكتاب عند الكلام في "اختلاف صيغ الألفاظ واتفاقها".
3 عبد الملك بن مروان خامس خلفاء بني أمية شب عاقلا أديبا حازما، وخلف أباه على الملك، فكان من أنبه حكام المسلمين، استطاع قمع الثائرين على بني أمة، وتقوية سلطانه في البلاد الإسلامية، وكانت وفاته 586هـ.
4 كان مصعب بن الزبير واليا على العراق من قبل أخيه عبد الله بن الزبير حتى دهمته جيوش عبد الملك، وقتلته سنة 572.

الصفحة 80