كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 2)
وعلى هذا الأسلوب ورد قول أبي الطيب المتنبي:
في الخد إن عزم الخليط رحيلا ... مطرٌ تزيد به الخدود محولا1
وكذلك ورد قوله2:
يمد يديه في المفاضة ضيغم3
وأحسن من هذا قوله في قصيدته التي مطلعها4:
عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم5
وأصبحت بقرى هنزيط جائلة ... ترعى الظبى في خصيبٍ نبته اللمم6
فما تركن بها خلدًا له بصرٌ ... تحت التراب ولا بازًا له قدم7
__________
1 ديوان المتنبي 3/ 232، وهو مطلع قصيدة في مدح بدر بن عمار وذكر الأسد، وقد أعجله فضربه بسوطه.
2 ديوان المتنبي 3/ 357 من قصيدته التي أولها:
إذا كان مدح فالنسيب المقدم ... أكل فصيح قال شعرا متيم
3 صدر البيت، وعجزه:
وعينيه من تحت التريكة أرقم
المفاضة الدرع الواسعة، والضيغم الأسد، والتريكة: البيضة، تشبيها بالتريكة وهي بيضة النعامة إذا انفلقت وخرج الفرخ ركت، والأرقم ضرب من الحيات، يقول: هؤلاء الفتيان الذين حوله كلهم أسد في شدته، وأرقم في بسالته، يمد في درعه يدي أسد، قوة وشدة وبفتح من تحت تريكته عيني أرقم إقداما وشجاعة.
4 ديوان المتنبي 4/ 15 وقد أنشدها في سنة خمس وأربعين وثلثمائة؛ وهي آخر قصيدة قالها بحضرة سيف الدولة.
5 صدر المطلع، وعجزه:
ماذا يزيدك في إقدامك القسم
والمعنى: من حلف على الظفر يندم لا محالة؛ لأنه ربما لم يظفر، وهذا إشارة إلى تكذيب البطريق الذي حلف لملك الروم أنه لا بد أن يلقي سيف الدولة في بطارقته، ففعل، فخيب لله ظنه.
6 هنزيط: من بلاد الروم والظبا: جمع ظبة، ظبة السيف، والخصيب المكان الكثير النبات، واللمم جمع لمة، وهي ما ألم بالمنكب من الشعر، وجائله تجول للغارة، يقول: أصبحت الخيل بهذا المكان تجول للغارة والقتل، والسيوف ترعى في مكان خصيب من رءوسهم إلا أن نبته الشعر.
7 الخلد: ضرب من الفأر، ليست له عيون.