كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 3)
والأحسن أن يقال: السهل والوعر، أو السهول والأوعار، ليكون البناء اللفظي واحدا, أي: أن يكون اللفظان واردين على صيغة الجمع أو الإفراد، ولا يكون أحدهما مجموعا والآخر مفردا.
وكذلك ورد قول أبي نواس في الخمر:
صفراء مجدها مرازبها ... جلت عن النظراء والمثل1
فجمع وأفرد في معنى واحد، وهو أنه قال النظراء مجموعا, ثم قال المثل مفردا، وكان الأحسن أن يقول: النظير والمثل، أو النظراء والأمثال.
وعلى ذلك ورد قوله أيضا، والإنكار يتوجه فيه أكثر من الأول، وهو:
ألا يابن الذين فنوا فماتوا ... أما والله ما ماتوا لتبقى
وما لك فاعلمن فيها مقام ... إذا استكملت آجالًا ورزقا2
وموضع الإنكار ههنا أنه قال: آجالا ورزقا, وكان ينبغي أن يقول: أرزاقا، أو أن يقول: آجلا ورزقا، وقد زاده إنكارا أنه جمع الأجل فقال: آجالا, والإنسان ليس له إلا أجل واحد، ولو قال أجلا وأرزاقا, لما عيب؛ لأن الأجل واحد والأرزاق كثيرة، لاختلاف ضروبها وأجناسها.
__________
نقضت بك الآمال أحلاس الغنى ... واسترجعت نزاعها الأمصار
فاذهب كما ذهبت غوادي مزنة ... أثنى عليها السهل والأوعار
الأحلاس: جمع حلس وهو الذي يوضع تحت الرحل.
1 من قصيدته التي مطلعها:
كان الشباب مطية الجهل ... ومحسن الضحكات والهزل
"الديوان 42" المرازب والمرازبة جمع مرزبان وهو أحد حكام وقواد الفرس. 2 رواية الديوان 98 "المطبعة العمومية".
ألا يابن الذين فنوا وبادوا ... أما والله ما بادوا لتبقى
وما لك فاعلمن بها مقام ... إذا استكملت آجالا ورزقا