كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 3)
ولم أسبأ الزق الروي ولم أقل ... لخيلي كري كرة بعد إجفال1
فبيتاك لم يلتئم شطراهما، كما لم يلتئم شطرا بيتي امرئ القيس، وكان ينبغي لك أن تقول:
وقفت وما في الموت شك لواقف ... ووجهك وضاح وثغرك باسم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ... كأنك في جفن الردى وهو نائم
فقال المتنبي: إن صح أن الذي استدرك على امرئ القيس هذا أعلم بالشعر منه فقد أخطأ امرؤ القيس وأخطأت أنا، ومولانا يعلم أن الثوب لا يعلمه البزاز كما يعلمه الحائك؛ لأن البزاز يعرف جملته، والحائك يعرف تفاصيله، وإنما قرن امرؤ القيس النساء بلذة الركوب للصيد، وقرن السماحة بسباء الخمر للأضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء، وكذلك لما ذكرت الموت في صدر البيت الأول أتبعته بذكر الردى في آخره، ليكون أحسن تلاؤما، ولما كان وجه المنهزم الجريح عبوسا وعينه باكية قلت: ووجهك وضاح وثغرك باسم؛ لأجمع بين الأضداد.
__________
1 من قصيدته التي مطلعها:
ألا عم صباحا أيها الطلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي
"الديوان 27".
صحة التقسيم وفساده:
ولسنا نريد بذلك ههنا ما تقتضيه القسمة العقلية، كما يذهب إليه المتكلمون, فإن ذلك يقتضي أشياء مستحيلة كقولهم: الجواهر لا تخلو إما تكون مجتمعة أو مفترقة، أو لا مجتمعة ولا مفترقة، أو مجتمعة ومفترقة، أو بعضها مجتمعة وبعضها مفترقة.
ألا ترى أن هذه القسمة صحيحة من حيث العقل، لاستيفاء الأقسام جميعها, وإن كان من جملتها ما يستحيل وجوده.