كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 3)

وألا قال كما قال أبو تمام:
فتى كلما أرتاد الشجاع من الردى ... مفرا غداة المأزق ارتاد مصرعا1
وعلى أسلوب البحتري ورد قول بعضهم من شعراء الحماسة:
وإني لقوال لعافي مرحبًا ... وللطالب المعروف إنك واجده
وإني لممن أبسط الكف بالندى ... إذا شنجت كف البخيل وساعده2
وهذا معيب من جهة أنه لا فضل في بسط يده عند قبض يد البخيل، وإنما الفضيلة في بسطها عند قبض الكرام أيديهم.
ومن هذا الباب قول أبي تمام:
يقظ وهو أكثر الناس إغضا ... ء على نائل له مسروق3
فإنه أراد أن يمدح فذم.
ومما هو أقبح من ذلك قوله أيضا:
تثفى الحرب منه حين تغلي ... مراجلها بشيطان رجيم4
وقد استعمل هذا في شعره حتى أفحش، كقوله:
__________
1 من رثائه لمجد بن حميد، ومطلع القصيدة:
أصم بك الناعي وإن كان أسمعا ... وأصبح مغنى الجود بعدك بلقعا
وقد تقدمت القصيدة.
2 القائل هو إياس بن الأرث "شرح الحماسة للتبريزي 4/ 218" والمرزوقي 4/ 1685 العافي: طالب المعروف أو الطعام: شنجت كفه وساعده: كناية عن ظهور الجدب والبخل.
3 من قصيدته في مدح أبي سعيد محمد بن يوسف، ومطلعها:
ما عهدنا كذا بكاء المشوق ... كيف والدمع آية المعشوق
"الديوان 2/ 430".
4 من مدحته لبعض بني عبد الكريم الطائيين "الديوان 217" ومطلعها:
أراملة كنت مألف كل ريم ... لو استمعت بالأنس المقيم
تثفى: تجعل لها أثافي وهي الحجارة التي ينصب عليها القدر. المراجل: القدور. وفي الأصل "ينقى الحرب". ليست القصيدة بالديوان.

الصفحة 184