كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 3)

فقلت لهم: هذا البيت مأخوذ من شعر أبي الطيب المتنبي في قوله:
لو قلت للدنف المشوق فديته ... مما به لأعزته بفدائه1
وقول أبي الطيب أدق معنى، وإن كان قول ابن الخياط أرق لفظا، ثم إني وقفتهم على مواضع كثيرة من شعر ابن الخياط قد أخذها من شعر المتنبي.
وسافرت إلى الديار المصرية في سنة ست وتسعين فوجدت أهلها يعجبون ببيت من الشعر يعزونه إلى شاعر من أهل اليمن يقال له عمارة2، وكان حديث عهد بزماننا هذا في آخر الدولة العلوية بمصر، وذلك البيت من جملة قصيدة له يمدح بها بعض خلفائها عند قدومه عليه من اليمن، وهو:
فهل درى البيت أني بعد فرقته ... ما سرت من حرم إلا إلى حرم3
فقلت لهم: هذا البيت مأخوذ من شعر أبي تمام في قوله مادحا لبعض
__________
1 من قصيدته التي مطلعها:
القلب أعلم يا عذول بدائه ... وأحق منك بجفنه وبمائه
الديوان 1/ 1 أي: إن القلب أدرى منك أيها اللائم بدلته وما أدركه من ألم الهوى، فهو يلتمس شفاءه في البكاء ويأمر الجفن به.
الدنف: المريض من العشق. أغرته: بعثته على الغيرة. بفدائه: بفدائك إياه.
2 عمارة اليمني: شاعر سياسي كبير ولد سنة 515هـ باليمن، ثم رحل إلى مصر سنة 550هـ في عهد الخليفة الفائز ووزيره يومئذ طلائع بن رزيك، ونال من الكرم ما ألهج لسانه بالشكر.
ولما سقطت الدولة الفاطمية حزن عليها حزنا شديدا، لكنه اضطر إلى مدح صلاح الدين الأيوبي. ثم اتهم بالاشتراك في مؤامرة لخلع صلاح الدين، فصلب فيمن صلبوا سنة 569هـ.
3 من قصيدته في مدح الخليفة الفائز بن الظافر ووزيره الصالح، التي مطلعها:
الحمد للعيس بعد العزم والهمم ... حمدا يقوم بما أولت من النعم
"ديوان عمارة اليمني"

الصفحة 224