كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 3)

وهي لفظة حسنة, فالفرق بين ورودها في القرآن الكريم وورودها في هذا البيت الشعري ظاهر.
وقد تقدم الكلام على مثلها من آية وبيت لأبي الطيب أيضا، وهو في المقالة اللفظية عند الكلام على الألفاظ المفردة فليؤخذ من هناك.1
وكثيرا ما يقع الجهال في مثل هذه المواضع, وهم الذين قيل فيهم:
وكذا كل أخي حذلقة ... ما مشى في يابس إلا زلق
فترى أحدهم قد جمع نفسه وظن على جهله أنه عالم، فيسرع في وصف كلام بالإيجاز, وكلام بالتطويل, أو بالتكرير، وإذا طولب بأن يبدي سببا لما ذكره لم يوجد عنده من القول شيء, إلا تحكما محضا صادرا عن جهل محض.
__________
1 انظر صفحة "213" من القسم الأول من هذه الطبعة، وقد وازن فيها بين استعمال كلمتي "العسل" و"الشهد" في شعر للأعرج ولأبي الطيب وآية من القرآن الكريم.
الضرب الثاني من التكرير في اللفظ والمعنى:
وهو غير المفيد، فمن ذلك قول مروان الأصغر1:
سقى الله نجدا والسلام على نجد ... ويا حبذا نجد على النأي والبعد
نظرت إلى نجد وبغداد دونها ... لعلي أرى نجدا وهيهات من نجد
وهذا من العي الضعيف، فإنه كرر ذكر "نجد" في البيت الأول ثلاثا،
__________
1 هو أبو السمط مروان بن أبي الجنوب بن مروان بن أبي حفصة, وهو مروان الأصغر، ويقال لجده مروان بن أبي حفصة مروان الأكبر. كان شاعرا ساقط الشعر، عاصر الواثق والمتوكل، وله قصائد عدة في المتوكل وأحمد بن أبي دؤاد.

الصفحة 23