كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 3)
"النسخ":
فأما النسخ فإنه لا يكون إلا في أخذ المعنى واللفظ جميعا، أو في أخذ المعنى وأكثر اللفظ؛ لأنه مأخوذ من نسخ الكتاب، وعلى ذلك فإنه ضربان:
الأول:
يسمى وقوع الحافر1 على الحافر، كقول امرئ القيس:
وقوفًا بها صحبي على مطيهم ... يقولون لا تهلك أسى وتجمل2
وكقول طرفة:
وقوفا بها صحبي علي مطيهم ... يقولون لا تهلك أسى وتجلد3
وقد أكثر الفرزدق وجرير من هذا في شعرهما، فمنه ما وردا فيه مورد امرئ القيس وطرفة في تخالفهما في لفظة واحدة، كقول الفرزدق:
أتعدل أحسابا لئامًا حماتها ... بأحسابنا إني إلى الله راجع4
وكقول جرير:
أتعدل أحسابا كراما حماتها ... بأحسابكم إني إلى الله راجع5
__________
1 ذكر أبو هلال البيتين الآتيين وغيرهما، على أنه مما أخذ بلفظه ومعناه، وادعى آخذه أو ادعى له أنه لم يأخذه، ولكن وقع له كما وقع للأول، ثم علق على ذلك بأنه معيب وإن ادعى الآخر أنه لم يسمع قول الأول، بل وقع لهذا كما وقع لذاك، فإن صحة ذلك لا يعلمها إلا الله عز وجل، والعيب لازم للآخر "الصناعتين 229".
2 من معلقته "الديوان 9".
3 من معلقته. جمهرة أشعار العرب 130.
4 البيت بديوان الفرزدق:
أتعدل أحسابا لئاما أدقة ... بأحسابنا إني إلى الله راجع
"الديوان 2/ 519".
5 اليبت كذلك في ديوانه 371.