كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 3)
أخذه ابن الرومي حيث قال:
أسالم قد سلمت من العيوب ... ألا فاسلم كذاك من الخطوب1
والذي عندي في الضرب المشار إليه أنه لا بد من مخالفة المتأخر المتقدم، إما بأن يأخذ المعنى فيزيده على معنى آخر، أو يوجز في لفظه، أو يكسوه عبارة أحسن من عبارته.
ومن هذا الضرب ما يستعمل على وجه يزداد قبحه، وتكثر البشاعة به، وهو أن يأخذ الشاعرين معنى من قصيدة لصاحبه على وزن وقافية، فيودعه قصيدة له على ذلك الوزن وتلك القافية، ومثاله في ذلك كمن سرق جوهرة من طوق أو نطاق ثم صاغها في مثل ما سرقها منه، والأولى به أن كان نظم تلك الجوهرة في عقد، أو صاغها في سوار أو خلخال ليكون أكتم لأمرها.
وممن فعل ذلك من الشعراء فافتضح أبو الطيب المتنبي حيث قال في قصيدته التي أولها:
غيري بأكثر هذا الناس ينخدع2
لم يسلم الكر في الأعقاب مهجته ... إن كان أسلمها الأصحاب والشيع
وهذه القصيدة مصوغة على قصيدة لأبي تمام في وزنها وقافيتها أولها:
أي القلوب عليكم ليس ينصدع3
__________
1 من قصيدته في مدح سالم بن عبد الله بن عمر الأخباري "الديوان 1/ 295".
2 من قصيدته في مدح سيف الدولة، التي مطلعها:
غيري بأكثر هذا الناس ينخدع ... إن قاتلوا جبنوا أو حدثوا شجعوا
"الديوان 3/ 393" يقول إن هذه الوقعة التي هزم فيها المسلمون قد خذل فيها الجند سيف الدولة لكنه كر على الأعداء بنفسه، فدافعت نفسه عن نفسه.
3 "الديوان 322" في رثاء بني حميد.