كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 3)
يستدمه فما ابتدأه, والبحتري قال: إنه يستديم صنيعه لا غيره، وذلك بعض ما ذكره أبو تمام.
وكذلك قال البحتري:
ادفع بأمثال أبي غالب ... عادية العدم أو استعفف1
أخذه ممن تقدمه حيث قال:
انتج الفضل أو تخال عن الدنيا ... فهاتان غاية الهمم
فالبحتري أخذ بعض هذا المعنى ولم يستوفه.
وكذلك ورد قول ابن الرومي:
زلتم على هام المعالي إذا ارتقى ... إليها أناس غيركم بالسلالم2
أخذه أبو الطيب المتنبي فقال:
فوق السماء وفوق ما طلبوا ... فإذا أرادوا غاية نزلوا3
وهذا بعض المعنى الذي تضمنه قول ابن الرومي؛ لأنه قال: إنكم نزلتم على هام المعالي، وإن غيركم يرقى إليها رقيا، وأما المتنبي فإنه قال: إنكم إذا أردتم غاية نزلتم، وأما قوله: "فوق السماء" فإنه يغني عنه قول ابن الرومي: "نزلتم على هام المعالي" إذ المعالي فوق كل شيء؛ لأنها مختصة بالعلو مطلقا.
__________
1 من قصيدته في مدح أبي غالب أحمد بن المدبر التي مطلعها:
لم تبلغ الحق ولم تنصف ... عين رأت بينا فلم تذرف
"الديوان 2/ 102".
2 ليست بديوانه المطبوع
3 من مدحة لعضد الدولة بقصيدة مطلعها:
اثلث فإننا أيها الطلل ... نبكي وترزم تحتنا الإبل
"الديوان 4/ 32".