كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 3)

فقال أبو نواس:
تتمنى الطير غزوته ... ثقة باللحم من جزره1
وقال مسلم بن الوليد:
قد عود الطير عادات وثقن بها ... فهن يتبعنه في كل مرتحل2
وقال أبو تمام:
وقد ظللت أعناق أعلامه ضحى ... بعقبان طير في الدماء نواهل
أقامت مع الرايات حتى كأنها ... من الجيش إلا أنها لم تقاتل3
وقد ذكر هذا المعنى غير هؤلاء، إلا أنهم جاءوا بشيء واحد لا تفاضل بينهم فيه، إلا من جهة حسن السبك، أو من جهة الإيجاز في اللفظ، ولم أر أحدا أغرب في هذا المعنى فسلك هذه الطريق مع اختلاف مقصده إليها إلا مسلم بن الوليد، فقال:
أشربت أرواح العدا وقلوبها ... خوفًا فأنفسها إليك تطير
__________
1من قصيدته في مدح العباس بن عبيد الله "الديوان 431" وزهر الآداب 4/ 134 ورواية الديوان
تتأيى الطير غدوته
ومعنى تتأيى تقصد. الجزر: جمع جزور وهو البعير أو الناقة المجزورة، والمراد قتلى الحرب.
2 من قصيدته في مدح يزيد بن مزيد الشيباني "الديوان 12".
3 من قصيدته في مدح المعتصم والأفشين "الديوان 82" وفي الديوان "عقبان أعلامه" شبه الأعلام بالعقبان، وجعل عقبان الطير آلفة لها لما اعتادت من أكل لحوم الأعداء. وفي أخبار أبي تمام للصولي حديث عن هذا المعنى قال فيه الذي سبق إليه مسلم وأبو نواس، وسبقهم جميعا إليه النابغة، ثم قال إن معنى النابغة من قول الأفوه الأودي الشاعر الجاهلي:
فترى الطير على آثارنا ... رأى عين ثقة أن ستمار
أخبار أبي تمام 164، ومثل هذا بالصناعتين 225.

الصفحة 282