كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 3)
واعلم أن خواطر الناس تتفاضل كتفاضل الأشخاص، ومن هنا قيل: سبحان خالق أبي موسى وعمرو بن العاص1.
__________
1 يحسن أن نعقب على ابن الأثير في الألغاز برأي ابن سنان الخفاجى، وقد سبقه بنحو قرنين من الزمان، قال الخفاجى: "فإن قيل: فما تقولون في الكلام الذي وضع لغزا، وقصد ذلك فيه؟ قيل: إن الموضوع على وجه الإلغاز قد قصد قائله إغماض المعنى وإخفاءه، وجعل ذلك فنا من الفنون التي تستخرج بها أفهام الناس ويمتحن أذاهنهم. فلما كان وضعه على خلاف وضع الكلام في الأصل كان القول فيه مخالفا لقولنا في فصيح الكلام، حتى صار يحسن فيه ما كان ظاهره يدل على التناقض، أو ما جرى مجرى ذلك..... وقد كان شيخنا أبو العلاء يستحسن هذا الفن ويستعمله في شعره كثيرا. "سر الفصاحة 215".
النوع الثاني والعشرون: في المبادئ والافتتاحات
هذا النوع هو أحد الأركان الخمسة البلاغية المشار إليها في الفصل التاسع من مقدمة الكتاب.
وحقيقة هذا النوع: أن يجعل مطلع الكلام من الشعر أو الرسائل دالا على المعنى المقصود من هذا الكلام إن كان فتحا ففتحا، وإن كان هناء فهناء، أو كان عزاء فعزاء، وكذلك يجري الحكم في غير ذلك من المعاني.
وفائدته أن يعرف من مبدأ الكلام ما المراد به ولم هذا النوع؟
والقاعدة التي يبني عليها أساسه أنه يجب على الشاعر إذا نظم قصيدا أن ينظر، فإن كان مديحا صرفا لا يختص بحادثة من الحوادث فهو مخير بين أن يفتتحها بغزل أو لا يفتتحها بغزل، بل يرتجل المديح ارتجالا من أولها كقول القائل: