كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت الحوفي (اسم الجزء: 4)

المجلد الرابع
تكملة باب السرقات
...
تكملة باب السرقات:
وربما ظن بعض الجهال أن قول الشماخ:
إذا بلغتني وحملت رحلي ... عرابة فاشرقي بدم الوتين1
وقول أبي نواس:
وإذا المطي بنا بلغن محمدا ... فظهورهن على الرجال حرام2
من هذا القبيل الذي هو قلب الصورة القبيحة إلى صورة حسنة، وليس كذلك فإن قلب الصورة القبيحة إلى صورة حسنة هو أن يؤخذ المعنى الواحد فيكسى عبارتين إحداهما قبيحة والأخرى حسنة، فالحسن والقبح إنما يرجع إلى التعبير، لا إلى المعنى نفسه، وقول أبي نواس هو عكس قول الشماخ، وقد تقدم مثل ذلك فيما مضى من ضروب السرقات.
__________
1 الديوان 92 والأغاني 8/ 102 عرابة بن أوس كان سيدا من سادات قومه وجوادا من أجوادهم. في كتاب الصناعتين 210 أن أبا نواس قال: والله ما أحسن الشماخ حيث قال "البيت" هلا قال كما قال الفرزدق:
علام تلفتين وأنت تحتي ... وخير الناس كلهم أمامي
متى تردى الرصافة تستريحي ... من التهجير والدبر الدامي
وكان قول الشماخ عيبا عندي، فلما سمعت قول الفرزدق تبعته، فقلت:
وإذا المطي بنا بلغن محمدا ... فظهورهن على الرجال حرام
قربننا من خير من وطئ الحصا ... فلها علينا حرمة وذمام
وقلت: "وذكر ثلاثة أبيات أخر".
ثم ذكر أبو هلال بعد أن فرغ من كلام أبي نواس أن الشماخ تبع ذا الرمة في قوله:
إذ ابن أبي موسى بلالا بلغته ... فقام بفأس بين وصليك جازر
والشماخ بن ضرار شاعر مخضرم، شهد له الحطيئة بأنه أشعر غطفان
2 من قصيدته في مدح الأمين "الديوان 408".

الصفحة 3