كتاب الموافقات (اسم الجزء: 1)

وَتَخْمِينٍ غَيْرِ مُطَّرِدٍ فِي بَابِهِ، وَلَا مَبْنِيٍّ عَلَيْهِ عَمَلٌ، بَلْ كَالتَّعْلِيلِ بَعْدَ السَّمَاعِ لِلْأُمُورِ الشَّوَاذِّ، وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ مَا يُعَدُّ مِنَ الْقِسْمِ الثَّالِثِ لِجِنَايَتِهِ عَلَى الشَّرِيعَةِ فِي دَعْوَى مَا لَيْسَ لَنَا بِهِ عِلْمٌ، وَلَا دَلِيلَ لَنَا عَلَيْهِ1.
وَالثَّانِي:
تَحَمُّلُ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ عَلَى الْتِزَامِ كَيْفِيَّاتٍ لَا يَلْزَمُ مِثْلُهَا، وَلَا يُطْلَبُ الْتِزَامُهَا، كَالْأَحَادِيثِ الْمُسَلْسَلَةِ الَّتِي أُتِيَ بِهَا عَلَى وُجُوهٍ مُلْتَزَمَةٍ فِي الزَّمَانِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ؛ فَالْتَزَمَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ بِالْقَصْدِ، فَصَارَ تحملها على ذلك القصد تحريا له، بِحَيْثُ يَتَعَنَّى فِي اسْتِخْرَاجِهَا، وَيَبْحَثُ عَنْهَا بِخُصُوصِهَا، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ الْقَصْدَ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ عَمَلٌ، وَإِنْ صَحِبَهَا الْعَمَلُ؛ لِأَنَّ تَخَلُّفَهُ فِي أَثْنَاءِ تِلْكَ الْأَسَانِيدِ لَا يَقْدَحُ فِي الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى تِلْكَ الْأَحَادِيثِ، كَمَا فِي حَدِيثِ:
"الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ" 2؛ فَإِنَّهُمُ الْتَزَمُوا فِيهِ أَنْ يَكُونَ أول حديث يسمعه
__________
1 كالنهي عن اتخاذ التماثيل، يقولون: إن العلة في التحريم خشية أن تجر إلى احترامها، ثم إلى عبادتها؛ لقرب الألف بعبادة الأوثان, فلما أيس الآن من ذلك؛ صار لا مانع مع اتخاذها، فهذا استنباط للعلة بطريق الظن واتباع الهوى. "د".
وعلق "خ" هنا ما نصه: "من هذا الصنف ما يصنعه بعض أصحاب الأهواء حين يريدون التملص من بعض ما نهت عنه الشريعة؛ إذ يقصدون إلى أمر كان واقعا في زمن التشريع، ثم ارتفع، يزعمون من غير بينة أنه علة التحريم؛ ليتسنى لهم القول بالإباحة بناء على قاعدة أن الأحكام تدور مع العلل وجودا وعدما".
2 أخرجه الترمذي في "الجامع" "أبواب البر والصلة، باب ما جاء في رحمة المسلمين، 4/ 323-324/ رقم 1924"، وأبو داود في "السنن" "كتاب الأدب، باب في الرحمة، 4/ 285/ رقم 4941"، وأحمد في "المسند" "2/ 160"، والحميدي في "المسند" "رقم 591"، والبخاري في "التاريخ" "9/ 64"، وعثمان الدارمي في "الرد على الجهمية" "69"، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" "775"، والحاكم في "المستدرك" "4/ 159"، والبيهيق في "الأسماء" =

الصفحة 112