كتاب الموافقات (اسم الجزء: 1)
أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟ "1، وَقَدْ يَصِيرُ ذَلِكَ فِتْنَةً عَلَى بَعْضِ السَّامِعِينَ، حَسْبَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ هَذَا الْكِتَابِ2.
وَإِذَا عَرَضَ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَنْ يُعَدَّ مِنَ الثَّالِثِ؛ فَأَوْلَى أَنْ يَعْرِضَ لِلثَّانِي أَنْ يُعَدَّ مِنَ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَوَّلِ.
فَلَا يَصِحُّ لِلْعَالِمِ فِي التَّرْبِيَةِ الْعِلْمِيَّةِ إِلَّا الْمُحَافَظَةُ عَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مُرَبِّيًا، وَاحْتَاجَ هُوَ إِلَى عَالِمٍ يُرَبِّيهِ.
وَمِنْ هُنَا لَا يُسْمَحُ لِلنَّاظِرِ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ نَظَرَ مُفِيدٍ أَوْ مُسْتَفِيدٍ؛ حَتَّى يَكُونَ رَيَّانَ مِنْ عِلْمِ الشَّرِيعَةِ، أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا، مَنْقُولِهَا وَمَعْقُولِهَا، غَيْرَ مُخْلِدٍ إِلَى التَّقْلِيدِ وَالتَّعَصُّبِ لِلْمَذْهَبِ3، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ هَكَذَا؛ خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْقَلِبَ عَلَيْهِ مَا أَوْدَعَ فِيهِ فِتْنَةً بِالْعَرَضِ، وَإِنْ كَانَ حِكْمَةً بِالذَّاتِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ للصواب.
__________
1 أخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا، 1/ 225/ رقم 127"، والبيهقي في "المدخل" "رقم 610"، والخطيب في "الجامع" "رقم 1318"، وآدم بن أبي أياس في "العلم"، وأبو نعيم في "المستخرج"؛ كما في "فتح الباري" "1/ 225" بألفاظ مقاربة منها المذكور، وسيأتي "5/ 168" مرفوعا ولا يصح.
2 انظر: "5/ 167".
3 التعصب للمذهب ينشأ عن قصر النظر وعدم التفقه في الأصول العالية، ولهذا نجد المتبحر في علم الكتاب والسنة، المطلع على مذاهب الفقهاء ومداركها؛ يكاد احترامه للمذهب الذي يتبعه لا يزيد على احترامه للمذاهب الأخرى، وذلك لما يبدو له من رجحانها وتفوقها على مذهبه في كثير من المسائل "خ".
الصفحة 124