كتاب الموافقات (اسم الجزء: 1)
حِينَ أُتِيَ بِشَيْءٍ يَتَنَاوَلُهُ، وَالْعَاقِلُ يَعْلَمُ أَنَّ طُولَ الْحِسَابِ نَوْعٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَأَنَّ سُرْعَةَ الِانْصِرَافِ مِنَ الْمَوْقِفِ إِلَى الْجَنَّةِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَقَاصِدِ، وَالْمُبَاحُ صَادٌّ عَنْ ذَلِكَ؛ فَإِذَا تَرَكَهُ أَفْضَلُ شَرْعًا؛ فَهُوَ طَاعَةٌ، فَتَرْكُ الْمُبَاحِ طَاعَةٌ1.
فَالْجَوَابُ: أَنَّ كَوْنَهُ سَبَبًا فِي مَضَارَّ لَا دَلِيلَ فِيهِ؛ مِنْ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا:
أَنَّ الْكَلَامَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُبَاحٌ مُتَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ2، وَلَمْ يُتَكَلَّمْ فِيمَا إِذَا كَانَ ذَرِيعَةً إِلَى أَمْرٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ ذَرِيعَةً إِلَى مَمْنُوعٍ؛ صَارَ مَمْنُوعًا مِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرَائِعِ، لَا من جهة كونه مباحا,
__________
1 قارن مع "الورع" للصنهاجي "ص20".
2 انظر في هذا: "مجموع الفتاوى" "10/ 460-462".
الصفحة 178