كتاب الموافقات (اسم الجزء: 1)

وَقِصَّةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ1 وَغَيْرِهِ2 مِمَّنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لَا يَقْدِرُ عَلَى دُخُولِ مَكَّةَ إِلَّا بِجِوَارٍ، ثُمَّ تَرَكُوا الْجِوَارَ رِضًى بِجِوَارِ اللَّهِ، مَعَ مَا نَالَهُمْ مِنَ الْمَكْرُوهِ، وَلَكِنْ هَانَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ فِي اللَّهِ؛ فَصَبَرُوا إِيمَانًا بِقَوْلِهِ: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزُّمَرِ: 10] .
وَقَالَ تَعَالَى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آلِ عِمْرَانَ: 186] .
وَقَالَ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ [الصَّلَاةُ وَ] 3 السلام: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الْأَحْقَافِ: 35] .
وَقَالَ: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشُّورَى: 41] .
ثُمَّ قَالَ: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشُّورَى: 43] .
وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ: 284] ؛ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الصَّحَابَةِ، فَقِيلَ لَهُمْ: قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا, فَقَالُوهَا؛ فَأَلْقَى اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ؛ فَنَزَلَتْ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا
__________
1 ذلك أنه -رضي الله عنه- بعد رجوعه من الحبشة دخل في جوار الوليد بن المغيرة، ثم رد جواره ورضاه بما عليه النبي, صلى الله عليه وسلم. انظر: "الإصابة" "2/ 464".
2 كقصة أبي بكر لما قبل من ابن الدغنة ترك جواره وبقي مستعلنا بشعائر الإسلام اعتمادا على جوار الله، مع تألب الكفار عليه ألا يستعلن القرآن خشية على من كان يسمعه من نسائهم وشبانهم أن يميلوا إلى الإسلام. "د".
3 ما بين المعقوفتين سقط من "م".

الصفحة 503