وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ؛ يُنْجِهِ مِنْ كُلِّ كَرْبٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ1.
وَقِيلَ: من يتق الحرام2 وَالْمَعْصِيَةَ؛ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا إِلَى الْحَلَالِ.
وَخَرَّجَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثَةٌ يَدْعُونَ اللَّهَ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ: رَجُلٌ أَعْطَى مَالَهُ سَفِيهًا؛ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ} [النِّسَاءِ: 5] ، وَرَجُلٌ دَايَنَ بِدَيْنٍ وَلَمْ يُشهِد، وَرَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ فَلَا يُطَلِّقُهَا" 3، وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَمَرَ بالإشهاد على البيع، وأن
__________
1 ذكره أيضا عن ابن عباس, ابن الجوزي في "زاد المسير" "8/ 291".
وقال ابن الجوزي عقبه: "والصحيح أن هذا عامّ؛ فإن الله تعالى يجعل للتقي مخرجا من كل ما يضيق عليه، ومن لا يتقي يقع في كل شدة".
2 كذا في "ط"، وفي غيره: "الله والمعصية".
3 أخرجه ابن شاذان في "المشيخة الصغرى" "ق 57/ أ" -كما في "السلسلة الصحيحة" "رقم 1805"- وابن مردويه كما في "تفسير ابن كثير" "1/ 344"، والحاكم في "المستدرك" "2/ 302", والبيهقي في "السنن الكبرى" "10/ 146" من طريق المثنى بن معاذ العنبري عن أبيه، وأبو نعيم في "مسانيد أبي يحيى فراس بن يحيى المكتب" "رقم 29" من طريق داود بن إبراهيم الواسطي، والطحاوي في "المشكل" "3/ 216"، وأبو نعيم في "مسانيد أبي يحيى المُكْتِب" "ص93" من طريق عمرو بن حكام، وأبو نعيم من طريق عثمان بن عمر، أربعتهم عن شعبة عن فراس عن الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى مرفوعا.
قال أبو نعيم عقبه: "ورواه غندر وروح موقوفا"، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه لتوقيف أصحاب شعبة هذا الحديث على أبي موسى".
ورجح شيخنا الألباني في "السلسلة الصحيحة" "رقم 1805" رواية الرفع، وقال: "وقد وجدت له طريقا أخرى عن الشعبي، رواه ابن عساكر، 8/ 182/ 1-2, عن إسحاق بن وهب -وهو بخاري- عن الصلت بن بهرام عن الشعبي به"، قال: "لكن إسحاق هذا ذكره الخليلي في "الإرشاد" وقال: "يروى عنه ما يعرف وينكر، ونسخ رواها ضعفاء"" ا. هـ.
قلت: عمرو بن الحكام ضعيف، وهو ممن رفعه، والآخرون موثقون، ومن وقفه أثبت في شعبة ممن رفعه، ولا سيما أن منهم غندرا ويحيى بن سعيد -كما عند ابن أبي شيبة- وروح، والله أعلم.
قال "خ" هنا: "وهو على تقدير ثبوته محمول على الدعاء على الثلاثة الملوح إليهم في الحديث؛ لأنه هو الذي ابتلى نفسه بمعاشرة تلك الزوجة، وقصر في عدم الإشهاد على المدين، وألقى بماله في ذمة خربة".