كتاب الموافقات (اسم الجزء: 1)

وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ ... } إِلَى أَنْ قَالَ: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} الْآيَةَ [الزُّمَرِ: 9] .
وَقَالَ تَعَالَى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ} [الْبَقَرَةِ: 44] .
ورُوي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} [الشُّعَرَاءِ: 94] ؛ قَالَ: قَوْمٌ وَصَفَوُا الْحَقَّ وَالْعَدْلَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَخَالَفُوهُ إِلَى غَيْرِهِ1.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: "إِنَّ فِي جَهَنَّمَ أرْحاء تَدُورُ بعُلماء السُّوءِ، فيُشرف عَلَيْهِمْ بعض مَنْ كَانَ يَعْرِفُهُمْ فِي الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: مَا صيَّركم فِي هَذَا، وَإِنَّمَا كُنَّا نَتَعَلَّمُ مِنْكُمْ؟ قَالُوا: إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُكُمْ بِالْأَمْرِ, وَنُخَالِفُكُمْ إِلَى غيره" 2.
__________
1 ذكره ابن عبد البر في "الجامع" "رقم 1194".
2 أخرج نحو هذا الحديث عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- البخاري في "صحيحه" "كتاب بدء الخلق، باب صفة النار وأنها مخلوقة، 6/ 331/ رقم 3267، وكتاب الفتن، باب الفتنة التي تموج كموج البحر، 13/ 48/ رقم 7098"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب الزهد، باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله، 4/ 2290/ رقم 2989"، ولفظ البخاري: "يجاء بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاهُ؛ فيجتمع أهل النار عليه؛ فيقولون: أي فلان! ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه ".
وأخرجه من حديث أبي هريرة باللفظ المذكور عند المصنف الديلمي في "المسند" "رقم 845"، وابن عبد البر في "الجامع" "رقم 1177" بسند ضعيف جدا، ونحوه عن أنس عند ابن عدي وابن عساكر، وعن ابن عمر عند ابن عساكر بإسناد فيه متهم بالكذب؛ كما في "إتحاف السادة المتقين" "10/ 519"، ويغني عن هذه الأحاديث حديث أسامة السابق، وكان ينبغي للمصنف أن يقتصر عليه، ولكنه يتابع الغزالي -في بعض الأحايين- في نقل الأحاديث من "الإحياء"، وضعفها مشهور معلوم، والله الموفق.

الصفحة 76