كتاب الموافقات (اسم الجزء: مقدمة)

وبهذا الصدد يقول:
"وَإِذَا نَظَرْتَ بِالنَّظَرِ الْمَسُوقِ فِي هَذَا الْكِتَابِ تَبَيَّنَ بِهِ مِنْ قُرْبٍ بيانُ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي إِذَا انْخَرَمَ مِنْهَا كُلِّيٌّ وَاحِدٌ؛ انخرم نظام الشريعة".
والحقيقة أن كتاب "الموافقات" -وإن كان قد خلص أصول الفقه من الجدل اللفظي، ووجه النظر إلى المعاني والمقاصد- إلا أنه حافل بالاستطرادات التي تشتت وحدة الموضوع، ثم إن مؤلفه سلك فيه المنهج القديم في طرح القضايا، فتراه يذكر القاعدة أو الأصل في بضعة أسطر ثم يأخذ في فرض الاعتراضات والردود عليها؛ مما أضفى على الكتاب روح الجدل الممل، كما أنه أكثر من التفريع والتجزئة للمسائل؛ مما جعل عمله يتخذ طابعا تعليميا لا يتيح للعقل أن يفكر وإنما يتيح للذاكرة أن تنقل فتتخم1.
ولهذا قامت جهود كثيرة حوله، من أهمها "المختصرات" و"الدراسات"، ونبين ذلك في الآتي:
الجهود التي بذلت حول الكتاب وأثره في الدعوة الإصلاحية الحديثة:
بذلت جهود قليلة حول كتاب "الموافقات"، ولا سيما من قبل الأقدمين؛ فلم نظفر -مثلا- بمن خرج أحاديثه أو علق عليه2، وإنما ظفرنا بعمل واحد قام به أحدُ تلاميذ المؤلف3 من وادي آش؛ فعمد إلى نظم كتاب "الموافقات"،
__________
1 "الشاطبي ومقاصد الشريعة" "ص112" للدكتور حمادي العبيدي.
2 بل ظل الكتاب مغمورا إلى أن ظهر أول مرة سنة "1884هـ"، وسيأتي بيان ذلك.
3 نسبه بعض المعاصرين إلى "أبي بكر محمد بن عاصم ت 829هـ"، وفرق بعضهم بين عمل ابن عاصم وهذا النظم؛ فإن صحت التفرقة فتكون الجهود في النظم من قبل اثنين.

الصفحة 41