كتاب الموافقات (اسم الجزء: مقدمة)

.........................................................................
__________
= عليه، وجُل ما يأتون به هو ادعاء وجود هذا المنهج عند بعض العلماء الأفذاذ، والإتيان بنصوص من أقوالهم مع المحافظة على غموضها، ومن هؤلاء العلماء الكبار الإمام الشاطبي المالكي, رحمه الله.
ولقد صور الغنوشي في كتابه هذا منهجا خطيرا على المسلمين يتلخص بالتشريع بالمصلحة مجردة من أي قيد، والأخطر أن يُنسب ذلك النهج المبتدع والخطير إلى الإمام الشاطبي -رحمه الله- وأن يُدعى أن هذا هو منهج المفكرين الأصوليين المعاصرين.
يقول الغنوشي في "ص38":
"وإذا تقدمنا صوب المعاني التشريعية من أجل وضع إطار قانوني لحريات الإنسان أو لواجباته؛ وجدنا مفكري الإسلام المعاصرين يكادون يجمعون على تزكية الإطار الأصولي الذي وضعه العلامة الشاطبي في "الموافقات"، والمتلخص في اعتبار أن غاية الشريعة هي تحقيق المصالح الكبرى للبشرية، والتي صنفها إلى ضروريات وحاجيات وتحسينيات ... ".
ويقول الغنوشي أيضا في "ص43" من كتابه "الحريات العامة في الدولة الإسلامية":
"وكان مبحث المقاصد الشرعية الذي اختطه بتوفيق العلامة المغربي أبو إسحاق الشاطبي في رائعته "الموافقات" قد حظي كما تقدم بقبول عام لدى المفكرين الإسلاميين المعاصرين كأساس وإطار لنظرية الحقوق والحريات العامة والخاصة في التصور الإسلامي، ومعلوم أن أبا إسحاق الشاطبي في تتبعه كليات الشريعة وجزئياتها قد كشف عن نظرية المصلحة العامة؛ فوجدها مرتبة في ثلاثة مستويات ... ".
ويقول أيضا في "ص358":
"ولقد حظي هذا العلم "علم أصول الفقه" بعقول عظيمة تتابعت على تأصيل قواعده وتطويرها وإثرائها وصقلها؛ حتى بلغت مع العلامة الأندلسي الشاطبي أوجا عظيما متقدما امتدادا للنهج الذي سنه الإمام الشافعي؛ فلقد انصبت نخبة من العقول العظيمة التي امتلأت يقينا بعظمة الإسلام، وغاصت في نصوص الوحي كتابا وسنة، وفي تراث الفقه والتطبيق الأساسي وسائر علوم الإسلام خلال القرون، كما استوعبت جملة المعرفة البشرية المعروفة في العصر، وصاغت من خلال كل ذلك قواعد للتشريع على ضوء ما استخلصته من مقاصد الدين، وجملة مقاصد الدين تدور حول مصالح العباد؛ فإنما لأجل ذلك جاء الدين، يقول الشاطبي: "إنا استقرينا من الشريعة أنها =

الصفحة 54