كتاب الموافقات (اسم الجزء: مقدمة)

ويظهر تأثر علال الفاسي بالشاطبي في كتابه "مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها"؛ فهو يصرح فيه بأنه قرأه ودرسه، ثم إنه كتبه ليسد فراغا، ويتجاوز الحد الذي وقف عنده الشاطبي؛ فها هو يقول في مطلعه:
"هذا كتاب "مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها" أضعه اليوم بين يدي قرائي الأفاضل، وأنا واثق من أنه سيسد فراغا في المكتبة العربية؛ لأن الذين تعاقبوا على كتابة المقاصد الشرعية لم يتجاوزوا الحد الذي وقف عنده إمامنا أبو إسحاق الشاطبي -رحمه الله- في كتابه "الموافقات"، أو لم يبلغوا ما إليه قصد، وبعضهم خرج عن الموضوع إلى محاولة تعليل كل جزء من أجزاء الفقه أخذا للمقاصد بمعناها الحرفي"1، ثم يقول:
"وعرضت إلى أصول الشرعة؛ فتناولتها من جهة المقاصد أكثر مما تناولتها من جهة العلة، ولم أغفل عن المباحث التي وقعت حولها من المعاصرين مما اقتضته شبهات الوقت والمتشابهات لدى مفكريه؛ فجمعت بذلك بين نقط الجدل القديم والجديد، ودللت القارئ على نقط الضعف فيها ووسائل الإجابة عنها، ثم بينت بعد ذلك وسائل الاجتهاد وأسباب الاختلاف بما يفسح المجال
__________
= فِي أَصْلِ الْخِطَابِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ مَوْضُوعٌ عَلَى أَنَّهُ دَائِمٌ أَبَدِيٌّ، لَوْ فُرِضَ بَقَاءُ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ نِهَايَةٍ، وَالتَّكْلِيفُ كَذَلِكَ؛ لَمْ يَحْتَجْ في الشرع إلى مزيد....".
هذا هو الشاطبي، وهذه أفكاره ومفاهيمه وأصوله؛ فكيف يجعلها من يسمون أنفسهم مفكري الإسلام المعاصرين إطارا عاما لمنهجهم القائم على الحاجة إلى فقه جديد اسمه فقه المصالح أو فقه الموازنات أو فقه المصالح والضرورات؟!
انظر: مقالة "رد افتراءات على الإمام الشاطبي" لمحمود عبد الكريم حسن، منشورة في "مجلة الوعي" "العدد 88، السنة الثامنة، ربيع الأول، سنة 1415هـ، ص21 وما بعد".
1 "مقاصد الشريعة" "ص5".

الصفحة 63