كتاب الموافقات (اسم الجزء: مقدمة)

للذين يرغبون في تعمق أسرار الشريعة وتفهم مغازيها"1، ثم يقول:
"ويعلم الله كم بذلت من جهد في استخلاص فصول هذا الكتاب، وجعلها قريبة من أذهان المعاصرين، مستندا إلى أهم المصادر الإسلامية والكتب العلمية الصحيحة، مجتهدا في تفهم آراء المسلمين والتوفيق بينها وتوضيح مواطن الضعف في كتابات المعاصرين منهم، ومتتبعا ما أسميته بالإسرائيليات الجديدة، أي: الأفكار المتسربة من غيرنا عن طريق الاستعمار الروحي الذي هو آفتنا في هذا العصر.
وقد أخذ هذا الكتاب مني وقتا غير قصير؛ إذ اشتغلت فيه مع غيره من الأعمال الأخرى مدة أربعة أعوام؛ فهو ليس بالمرتجل ولا بالمستعجل، وكان أصله محاضرات ألقيتها على كل من طلبة الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط، وطلبة كلية الحقوق بنفس الجامعة بفاس، وطلبة كلية الشريعة بجامعة القرويين من نفس المدينة.
وأملي أن يجد من قرائي الكرام قبولا حسنا، وعناية بالموضوع الذي ما يزال يستحق الكثير من البحث ومن التدقيق، وحسبي أني قد زدت فيه لبنة على من سبقني، وفتحت آفاقا لمن يريد أن يعمل من بعدي"2.
ويقول أيضا مبينا ما آل إليه العالم الإسلامي من خمود، وإيمانه بضرورة الجمود:
"وقد مضى على العالم الإسلامي ردح استسلم فيه إلى الخمود وآمن بضرورة الجمود؛ فأعرض عن النظر في الأدلة الشرعية واستنباط الأحكام منها، وأحل أقوال الأئمة والفقهاء مقام الكتاب والسنة؛ حتى أصبح من ينظر فيها محكوما عليه بالفسق، ومن يتجرأ على الاستدلال بها منظورا إليه النظر الشزر.
__________
1 "مقاصد الشريعة" ص5".
2 "مقاصد الشريعة" "ص6".

الصفحة 64