كتاب الموافقات (اسم الجزء: مقدمة)

والاستدراكات"1، ولكنه مع هذا أطرى عليه في غير موضع؛ فها هو يقول عن طريقة الشاطبي: "يتتبع الظنيات في الدلالة، أو في المتن، أو فيهما، والوجوه العقلية كذلك، ويضم قوة منها إلى قوة، ولا يزال يستقري حتى يصل إلى ما يعد قاطعا في الموضوع ... فهذه خاصية هذا الكتاب في استدلالاته، وهي طريقة ناجحة أدت إلى وصوله إلى المقصود، اللهم إلا في النادر، رحمه الله رحمة واسعة"2.
وتعليقات الشيخ دراز تمتاز بالاختزال والضغط، وقد أشار هو في مقدمته على "الموافقات" تحت عنوان "سبب توجهي للكتاب وطريقة مزاولتي لخدمته" إلى الدافع عن تحقيقه، ومزايا هذا التحقيق؛ فقال:
"كثيرا ما سمعنا وصية "الشيخ محمد عبده" رحمه الله لطلاب العلم بتناول الكتاب، وكنت إذ ذاك من الحريصين على تنفيذ هذه الوصية؛ فوقف أمامي وأمام غيري صعوبة الحصول على نسخة منه، وبعد اللتيا والتي وفقنا إلى استعارة نسخة بخط مغربي من بعض الطلبة؛ فكان إلغاز الخط مع صعوبة المباحث، وإلحاح صاحب النسخة لاسترجاعها أسبابا تضافرت على الصدّ عن سبيله؛ فأنفذنا وصية القائل:
إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع
فلما يسر الله طبع الكتاب طبعة مصرية3، وأتيحت لي فرصة النظر فيه؛ عالجته أول مرة حتى جئت على آخره، فُرضتُ في هذا السفر الطويل شعابه
__________
1 "نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي" "ص252".
2 "الموافقات" "4/ 323-328-ط دارز، و5/ 405- طبعتنا هذه".
3 يشير الشيخ دراز -رحمه الله- إلى طبعة الشيخ محمد الخضر حسين ومحمد حسين مخلوف، والحق أن الكتاب طبع طبعتان قبل ذلك.

الصفحة 70