وَفِي الْحَدِيثِ: "الْخَيْرُ عَادَةٌ" 1 وَإِذَا اعْتَادَتِ النَّفْسُ فعلا مِنْ أَفْعَالِ الْخَيْرِ حَصَلَ لَهُ بِهِ نُورٌ فِي قَلْبِهِ، وَانْشَرَحَ بِهِ صَدْرُهُ، فَلَا يَأْتِي فِعْلٌ ثانٍ إِلَّا وَفِي النَّفْسِ لَهُ الْقَبُولُ؛ هَذَا فِي عَادَةِ اللَّهِ فِي أَهْلِ الطَّاعَةِ، وَعَادَةٌ أُخْرَى جَارِيَةٌ فِي النَّاسِ أَنَّ النَّفْسَ أَقْرَبُ انْقِيَادًا إِلَى فِعْلٍ يَكُونُ عِنْدَهَا فِعْلٌ آخَرُ مِنْ نَوْعِهِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَكْرَهُ أَضْدَادَ هَذَا وَيُحِبُّ مَا يُلَائِمُهُ، فَكَانَ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيَكْرَهُ الْعُنْفَ2، وَيَنْهَى عَنِ التَّعَمُّقِ وَالتَّكَلُّفِ3 وَالدُّخُولِ تَحْتَ مَا لَا يُطَاقُ حَمْلُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الانقياد، وأسهل في التشريع للجمهور.
__________
1 أخرجه ابن ماجة في "السنن" "المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم 1/ 80/ رقم 221"، وابن حبان في "الصحيح" "2/ 8/ رقم 310 - الإحسان"، والطبراني في "الكبير" "19/ 385-386/ رقم 904"، و"مسند الشاميين" "رقم 2215"، وابن عدي في الكامل" "3/ 1005"، وأبو الشيخ في "الأمثال" "رقم 20"، وابن أبي عاصم في "الصمت" "100"، وأبو نعيم في "الحلية" "5/ 252"، و"تاريخ أصبهان" "1/ 345"،والقضاعي في "مسند الشهاب" رقم 22 عن معاوية مرفوعا، وإسناده حسن، والحديث في "السلسلة الصحيحة" لشيخنا الألباني "رقم 651".
2 يشير المصنف إلى ما أخرجه مسلم في "صحيحه" "كتاب البر والصلة، باب فضل الرفق 4/ 2003-2004/ رقم 2593" عن عائشة مرفوعا: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه".
وأخرج برقم "2594" عنها رضي الله عنها مرفوعا: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه".
3 وقد مضى ذلك في التعليق على "ص142".