الدِّينِ، لَا الْإِخْبَارُ بِأَقْصَى الْمُدَّةِ، وَلَكِنَّ الْمُبَالَغَةَ1 اقْتَضَتْ ذِكْرَ ذَلِكَ، وَلَوْ تُصُوِّرَتِ الزِّيَادَةُ لَتَعَرَّضَ لَهَا.
وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَنْجِيسِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ بِنَجَاسَةٍ لَا تُغَيِّرُهُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ في الإناء حتى يغلسها" 2 الْحَدِيثَ، فَقَالَ: لَوْلَا أَنَّ قَلِيلَ النَّجَاسَةِ يُنَجِّسُ لكان توهمه لا يوجب.
__________
= لم تصل ولم تصم، فذلك من نقصان دينها؟ "،ورواه مسلم من حديث ابن عمر بلفظ: "تمكث الليالي ما تصلي، وتفطر في شهر رمضان، فهذا نقصان دينها"، ومن حديث أبي هريرة كذلك، وفي "المستدرك" من حديث ابن مسعود نحوه، ولفظه: "فإن إحداهن تقعد ما شاء الله من يوم وليلة لا تسجد لله سجدة". قلت: وهذا وإن كان قريبا من معنى الأول، لكنه لا يعطي المراد من الأول، وهو ظاهر من التفريع، والله أعلم، وإنما أورد الفقهاء هذا محتجين به على أن أكثر الحيض خمسة عشر يوما، ولا دلالة في شيء من الأحاديث التي ذكرناها على ذلك، والله أعلم. قاله ابن حجر في "التلخيص الحبير" "1/ 162- 163".
ولقد تلقى المتأخرون ما أطلقه ابن منده والبيهقي وغيرهما من أن الحديث بهذا اللفظ لا أصل له، كما تراه في "المقاصد" "ص164"، و"مختصر المقاصد" "ص88"، و"التمييز" "ص62"، و"الكشف" "1/ 39"، و"المصنوع" "ص85"، و"الدرر المنتثرة" "ص113"، و"الأسرار المرفوعة" "ص177- 178"، و"الغماز على اللماز" "ص85"و "النخبة البهية" "ص48"، واللؤلؤ المرصوع" رقم 153".
1 أي: فالمقام يقتضي ذكر أقصى ما يقع لها من الحيض الذي يمنع الصلاة وينقص به الدين. "د".
2 أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الوضوء، باب الاستجمار وترا، 1/ 263/ رقم 162"، ومسلم في "الصحيح" "كتاب الطهارة، باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثا، 1/ 233/ رقم 278" والمذكور لفظه عن أبي هريرة وقد أسهبت في تخريجه في تعليقي على كتاب "الطهور" "رقم 279".
قال الشيخ "د": "وتمامه ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يداه". فقال الأئمة: "إنه مستحب، أي لهذا التوهم، أن تكون يده مست نجاسة من ذكره أو غيره، فأخذ منه الشافعي الحكم المذكور".