كتاب الموافقات (اسم الجزء: 2)

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ، وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ، وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشُّعَرَاءِ: 78] إِلَخْ، فَنَسَبَ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ الْخَلْقَ، وَالْهِدَايَةَ، وَالْإِطْعَامَ، وَالسَّقْيَ، وَالشِّفَاءَ، وَالْإِمَاتَةَ، وَالْإِحْيَاءَ، وَغُفْرَانَ الْخَطِيئَةِ، دُونَ مَا جَاءَ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ مِنَ الْمَرَضِ، فَإِنَّهُ سَكَتَ عَنْ نِسْبَتِهِ إِلَيْهِ.
وَالسَّادِسُ:
الْأَدَبُ فِي الْمُنَاظَرَةِ1 أَنْ لَا يُفَاجِئَ بِالرَّدِّ كِفَاحًا دُونَ التَّقَاضِي بِالْمُجَامَلَةِ وَالْمُسَامَحَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [سَبَأٍ: 24] .
وَقَوْلِهِ: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزُّخْرُفِ: 81] .
{قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} [هُودٍ: 35] .
وَقَوْلِهِ: {قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ} [الزُّمَرِ: 43] .
{أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} [الْمَائِدَةِ: 104] .
لِأَنَّ ذَلِكَ أَدْعَى إِلَى الْقَبُولِ وَتَرْكِ الْعِنَادِ وَإِطْفَاءِ نَارِ الْعَصَبِيَّةِ.
وَالسَّابِعُ:
الْأَدَبُ فِي إِجْرَاءِ الْأُمُورِ عَلَى الْعَادَاتِ فِي التَّسَبُّبَاتِ وَتَلَقِّي الْأَسْبَابِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ قَدْ أَتَى مِنْ وَرَاءِ مَا يَكُونُ أَخْذًا مِنْ مَسَاقَاتِ التَّرَجِّيَاتِ الْعَادِيَّةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الْإِسْرَاءِ: 79] .
{فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ} [الْمَائِدَةِ: 52] .
{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216] .
__________
1 انظر: "المنهاج" للباجي "ص9-10".

الصفحة 167