......................................................................................
__________
= الحق يثبتون هذه الصفات لله عز وجل على أنها صفات فعلية ذاتية حقيقية له سبحانه على ما يليق به، فلا تقتضي عندهم نقصا ولا تشبيها، كما أنهم يثبتون لازم تلك الصفات، وهي إرادته سبحانه الثواب والعقاب، ولكن لا يوجبان ذلك عليه، كما تقول المعتزلة، ولا يقولون بما قد يفهم من كلام المصنف وصرح به بعض أهل التعطيل من أن تفسير سخطه وكرهه بزعمهم ما يقعون فيه من البلايا والهلكة والضيق والشدة، وآية ذلك عندهم ما يتقلب فيه من هذه الحالات، وما أشبهها، وأن حبه ورضاه عكس ذلك، فهذه دعوى ما رأينا أبطل ولا أبعد من صحيح لغات العرب والعجم منها، ففيها: إذا كان أولياء الله المؤمنون من رسله وأنبيائه وسائر أوليائه في ضيق وشدة وعوز من المآكل والمشارب، وفي خوف وبلاء، كانوا على حسب هذه الدعوى في سخط من الله وغضب وعقاب، وإذا كان الكافر في خصب ودعة وأمن وعافية، واتسعت عليه دنياه من مآكل الحرام وشرب الخمور، كانوا في رضي من الله وفي محبة، ما رأينا تأويلا أبعد عن الحق من هذا التأويل، اللهم إنا نبرأ إليك منه، ونبرأ من كل ما يخالف منهج السلف في العقيدة والدعوة والعلم والعمل، ومن كل من يطعن فيه وفي أهله قديما وحديثا، والحاصل أن تأويل الحب والبغض الوارد عند المصنف بنفس الإنعام أو الانتقام، أو أن يراد بهما إرادة الإنعام والانتقام مخالف لما عليه السلف الصالح، وفيه تعطيل لهاتين الصفتين، لأن معناه: إن الله تعالى لا يحب، وإنما محبته محبة طاعته وعبادته، وإرادته الإحسان إليهم، والذي دل عليه الكتاب والسنة، واتفق عليه سلف الأمة وأئمتها أن الله تعالى يحب ويُحَبُّ لذاته، وأما حب ثوابه، فدرجة نازلة كما قاله الطوفي، نقله، في "أقاويل الثقات" "77"، وفيه قوله أيضا: "وأول من أنكر المحبة في الإسلام الجعد بن درهم" وحكاه شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" "2/ 354" عن الجعد أيضا، والصواب إثبات صفة المحبة والبغض اللتين تليقان بجلاله. وعظمته.
قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" "2/ 354": "إن الكتاب والسنة وإجماع المسلمين أثبت محبة الله لعباده المؤمنين له، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 195] ، وقوله: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] ، وقوله: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 24] . وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 7] ، {يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 135] ، {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] ، {يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، من كان الله ورسوله أحب =