....................................................................................
__________
= إليه مما سواهما.....".
قلت: أخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان، 1/ 60/ رقم 16"، ومسلم في "الصحيح" "كتاب الإيمان، باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان، 1/ 66/ رقم 43" عن أنس.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد أجمع سلف الأمة وأئمتها على إثبات محبة الله تعالى لعباده المؤمنين ومحبتهم له، وهذا أصل دين الخليل إمام الحنفاء عليه السلام".
قلت: ليت شعري بماذا يجيب النافون للمحبة عن مثل قول صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري في "الصحيح" "رقم 6040"، ومسلم في "الصحيح" "رقم 2637" عن أبي هريرة مرفوعا: "إن الله عز وجل إذا أحب عبدا قال لجبريل عليه السلام: إني أحب فلانا فأحبه. قال: فيقول جبريل عليه السلام لأهل السماء: إن ربكم عز وجل يحب فلانا فأحبوه، قال: فيحبه أهل السماء، ويوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغضه فمثل ذلك".
إذن، فليس للتأويلات والمقولات المذكورة وجه سائغ، ولو قدر أن بعضها فيها لازم صفتي الحب والبغض، وأنها تفسير لهما يلازمهما، فإن بعضها الآخر فيه باطل، كما قدمناه، ويعجبني بهذا الصدد ما قاله العلامة القاسمي رحمه الله تعالى في "محاسن التأويل" "6/ 253- 254": "مذهب السلف في المحبة المسندة له تعالى أنها ثابتة له تعالى بلا كيف ولا تأويل، ولا مشاركة للمخلوق في شيء من خصائصها كما تقدم في الفاتحة في {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} .
فتأويل مثل الزمخشري لها بإثابته تعالى لهم أحسن الثواب، وتعظيمهم والثناء عليهم والرضا عنهم، تفسير باللازم منزع كلامي لا سلفي" انتهى.
فالتأويل المذكور منزعه اعتزالي، ولذا تعقب ابن المنير الزمخشري بكلام طويل، ومما قال في "الانتصاف" "1/ 345- 346": "فليس معلوم أكمل ولا أجمل من المعبود الحق، فاللذة الحاصلة في معرفته تعالى ومعرفة جلاله وكماله تكون أعظم، والمحبة المنبعثة عنها تكون أمكن، وإذا حصلت هذه المحبة بعثت على الطاعات والموافقات، فقد تحصل من ذلك أن محبة العبد ممكنة، بل واقعة من كل مؤمن، فهي من لوازم الإيمان وشروطه، والناس فيها متفاوتون بحسب تفاوت إيمانهم، وإذا كان كذلك وجب تفسير محبة العبد لله بمعناها الحقيقي لغة، وكانت الطاعة والموافقات كالمسبب عنها والمغاير لها، ألا ترى إلى الأعرابي الذي سأل عن الساعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أعددت لها"؟ قال: ما أعددت لها كبير عمل، ولكن حب الله ورسوله، فقال عليه الصلاة والسلام: "أنت مع من أحببت".
فهذا الحديث ناطق بأن المفهوم من المحبة لله غير الأعمال والتزام الطاعات، لأن الأعرابي نفاها وأثبت الحب، وأقره عليه الصلاة والسلام على ذلك. وانظر منه "4/ 9"، وهو بذيل"الكشاف" ط- دار المعرفة.