كتاب الموافقات (اسم الجزء: 2)
وَأَمْرٌ ثَالِثٌ1: وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ أَنَّهَا مَحْبُوبَةٌ أَوْ مَكْرُوهَةٌ مِنْ جِهَةِ مُتَعَلَّقَاتِهَا وَهُوَ2 الْأَفْعَالُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ عَلَى تِلْكَ الْأَفْعَالِ مَعَ الصِّفَاتِ مِثْلَ الْجَزَاءِ عَلَيْهَا بدون تلك الصفات، أولا، فَإِنْ كَانَ الْجَزَاءُ مُتَفَاوِتًا، فَقَدْ صَارَ لِلصِّفَاتِ قِسْطٌ مِنَ الْجَزَاءِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنْ كَانَ مُتَسَاوِيًا، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ أَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ حِينَ صَاحَبَهُ الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ مُسَاوِيًا لِفِعْلِ مَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهِمَا وَإِنِ3 اسْتَوَيَا فِي الْفِعْلِ، وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَحْبُوبُ عِنْدَ اللَّهِ مُسَاوِيًا لِمَا لَيْسَ بِمَحْبُوبٍ، وَاسْتِقْرَاءُ الشَّرِيعَةِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ.
وَأَيْضًا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَا هُوَ مَحْبُوبٌ لَيْسَ بِمَحْبُوبٍ4، وَبِالْعَكْسِ، وَهُوَ مُحَالٌ، فَثَبَتَ أَنَّ لِلْوَصْفِ حَظًّا مِنَ الثَّوَابِ أَوِ الْعِقَابِ، وَإِذَا ثَبَتَ [أَنَّ لَهُ] 5 حَظًّا مَا مِنَ الْجَزَاءِ ثَبَتَ مُطْلَقُ الْجَزَاءِ، فَالْأَوْصَافُ الْمَطْبُوعُ عَلَيْهَا وَمَا أَشْبَهَهَا مُجَازًى عَلَيْهَا، وَذَلِكَ مَا أردنا.
__________
1 إنما جعله دليلا ثالثا مستقلا، ولم يبنه على مبنى الدليلين قبله، لأنه فيهما جارٍ على تعلق الحب والبغض بنفس الصفات، أما في هذا، فجعلهما متعلقين بتوابع هذه الصفات ولواحقها من الأفعال، ولذا غير الأسلوب ولم يقل من أول الأمر بثلاثة أمور. "د".
2 في "ط": "وهي".
3 الواو للحال، وإن زائدة. "د".
4 من أين هذا اللزوم؟ لا يلزم من مساواة المحبوب لغيره في حكم من الأحكام أن يكون ليس بمحبوب ولا العكس. "د".
5 ما بين المعقوفتين سقط من الأصل و"ط"، ولذا جاءت التي بعدها "حظ" بالرفع.
الصفحة 200