كتاب الموافقات (اسم الجزء: 2)
يُتْعِبُهُ، حَتَّى يَحْصُلَ لِلنَّفْسِ بِسَبَبِهِ مَا يَحْصُلُ لَهَا بِالْعَمَلِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي شُرِعَ لَهُ الرِّفْقُ وَالْأَخْذُ مِنَ الْعَمَلِ بِمَا لَا يحصِّل مَلَلًا، حسبما نَبَّهَ عَلَيْهِ نَهْيُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنِ الْوِصَالِ1، وَعَنِ التَّنَطُّعِ2 وَالتَّكَلُّفِ3، وَقَالَ: "خُذُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا" 4.
وَقَوْلُهُ: "الْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغوا" 5.
وَالْأَخْبَارُ هُنَا كَثِيرَةٌ، وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا مَوْضِعٌ آخَرُ6، فَهَذِهِ مَشَقَّةٌ نَاشِئَةٌ مَنْ أَمْرٍ كُلِّيٍّ، وَفِي الضَّرْبِ الأول ناشئة من أمر جزئي.
__________
1 كما سيأتي "ص239".
2 كما سيأتي "ص228".
3 كما مضى "ص/ 45، 257".
4 سيأتي تخريجه في "ص405، وتقدم 1/ 526"، وهو في "الصحيحين" وغيرهما.
5 جزء من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لن ينجي أحدا منكم عمله". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرَوِّحُوا، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، والقصد القصد تبلغوا".
أخرجه البخاري في "الصحيح" "رقم 6463 -واللفظ له- رقم 5673"، ومسلم في "الصحيح" "17/ 159-160 / شرح النووي"، وابن ماجه في السنن" "4201"، وأحمد في "المسند" "2/ 235، 256، 264، 319، 326، 343، 344، 385-386، 390، 451-452، 466، 469، 473، 488، 495، 503، 509، 514، 519، 524، 537"، وفي "الزهد" "475"، والطيالسي في المسند" "2322"، وابن حبان في "الصحيح" "348، 350، 660"، وعبد الرزاق في "المصنف" "20562"، والبزار كما في "كشف الأستار" "3448"، والبيهقي في "الكبرى" "3/ 377"، وأبو نعيم في "الحلية" "7/ 129 و8 / 379"، والبغوي في "شرح السنة" "4192، 4193، 4194".
وقد شرحه ابن رجب في جزء مفرد مطبوع، عنوانه "المحجة في سير الدلجة".
6 انظرها فيما يأتي.
الصفحة 208