وَأَيْضًا، فَالْمُبَاحُ إِذَا عُلِم أَنَّهُ يَنْشَأُ عَنْهُ مَمْنُوعٌ لَا يَكُونُ الْعِلْمُ بِذَلِكَ كَالْقَصْدِ إِلَى نَفْسِ الْمَمْنُوعِ، وَكَذَلِكَ يُتَّفَقُ عَلَى مَنْعِ الْقَصْدِ إِلَى نَفْسِ الْمَمْنُوعِ اللَّازِمِ عَنِ الْمُبَاحِ، وَيَخْتَلِفُونَ إِذَا لَمْ يَقْصِدْ إِلَيْهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ، وسيأتي تقريره إن شاء الله تعالى.
__________
= 103/ رقم 5640، 5641، 5642"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب البر والصلة والآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك 4/ 1992/ رقم 2572" عن عائشة بلفظ مقارب.
وأخرجه مسلم في"صحيحه" "رقم 2573" عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما.
قال في "فتح الباري" "10/ 105/ رقم 5640" في شرح هذا الحديث: "وفي هذا الحديث تعقب على الشيخ عز الدين بن عبد السلام في "قواعد الأحكام" "1/29"، حيث قال: "ظن بعض الجهلة أن المصاب مأجور، وهو خطأ صريح، فإن الثواب والعقاب إنما هو بالكسب، والمصائب ليست منها، بل الأجر على الصبر والرضا، ووجه التعقب أن الأحاديث الصحيحة صريحة في ثبوت الأجر بمجرد حصول المصيبة، أما الصبر والرضا فقدر زائد يمكن أن يثاب عليها زيادة على ثواب المصيبة، قال القرافي: المصائب كفارات جزما، سواء اقترن بها الرضا أم لا، لكن إن اقترن بها الرضا عظم التكفير، وإلا قلَّ. كذا قال؛ والتحقيق أن المصيبة كفارة لذنب يوازيها، وبالرضا يؤجر على ذلك" "انتهى كلام ابن حجر*.
قال "د" عقبه: "أقول: ولعل هذا التحقيق في كلام القرافي جمع بين القولين فالتكفير غير الثواب والجزاء، فلا مانع أن يكون "لا" في مقابلة عمل من المكلَّف، أما الأجر والثواب، فالمعقول ومغزى الآيات القرآنية أنه متعلق بالصبر والرضا والتسليم، وهذا التحقيق لا ينافي كلام العز؛ لأنه لا ينفي التكفير، وإنما نفى الأجر، وهو وجيه".
وقال "خ": هذا مذهب بعض أهل العلم أخذا بالظاهر من هذا الحديث وما شاكله، وذهب الشيخ عز الدين بن عبد السلام في "القواعد" إلى أن المصائب والآلام لا ثواب عليها، وإنما الثواب على الصبر عليها، إذ هو الذي يدخل تحت كسب الإنسان".
__________
* وله في "الفتح" "10/ 110" كلام متين في هذا الباب ينبغي أن يُراجَع.